الإسلام و التقدم و التاريخية

أراد محمد أركون أن يطرح مقاله أو بحثه هذا الذي يوضع فيه طبيعة العلاقة ما بين الإيلام و التاريخ و التقدم عند الناس, و لقد افتتح مقاله من خلال ثلاث شواهد دينية قرآنية, يبين فيها أن ديننا الحقيقي هو الإسلام و أن تاريخنا الذي صنعناه قد أصبح يعد مأساة كما هو الشأن إبان العهد اليوناني القديم و هاته المجابهة لا علاقة للفكر الإسلامي الكلاسيكي بها, غير أن الفكر الإسلامي الحديث لم يضع هذا الطرح القائم بين الوحي و الحقيقة و التاريخ موضع إشكال.

إلا أن هذه المشكلة قد أثرت في مقال نتائج الغزالي. و لكن محمد أركون بدا له أنه لكي يحلل المرء على الوجه الصحيح وضعية الإسلام الحالي أمام العصرانية فلا بد من أن يكون هناك امتداد ما بين البحث و التحقق ليس للفكر الإسلامي الكلاسيكي فحسب و إنما إلى القران. و من هنا يطرح محمد أركون الإشكالية و يتساءل عن وضعية المسلمين في العالم الراهن التي لا علاقة لها بالذهن ؟ و عن مدى خطورة المرحلة التاريخية التي يتصدى لها الفكر الإسلامي ؟ و كيف أن هذا الموقف الذي ما يزال شائعا ينطوي بالضبط على رفض تصور التاريخية تصورا متقيدا بالأوضاع و النتائج؟

 

يرى الأستاذ محمد أركون أن لابد من إعادة التفكير في مفهوم الدين نفسه على ضوء ما قد أضافه العلم المعاصر من معلومات. فقد أشار أن إلى أن هناك تعريف إسلامي للإسلام يجب أن نتخذه كأساس لأي تعريف إشكالي, و أن كلمة إسلام قد أوتي بها في موسوعة الإسلام فقد وردت فقط في القران و التي كان لها عدة معاني و كلها تهدف إلى مفهوم تحدي الموت و الاستهانة به و التضحية بالنفس في الجهاد في سبيل الله و رسوله. و أكثر ما يؤكد عليه القران هو ضرورة الإيمان, فالحديث و الفكر الإسلامي كله يثبتان هذه الصلة بين الإسلام و الإيمان و الدين و الشريعة و الأخلاق, و لقد عُرَف الإسلام بأنه دين فرض نفسه منذ العهد المدني في صفة دين قائم على انتصار سياسي فهو إذن انتصار تاريخي للغاية. كما قام محمد أركون بإدخال التاريخ على الإسلام و قد ميز بين الإسلام المثالي و الإسلام التاريخي و قد أكد وجودهما في الإسلام. و المشكلة تكمن في مكان وقوع الإنفصالات و الوسائل مع الإسلام المثالي. و لإيجاد حل لهاته المشكلة يجب تحليل مفهوم التاريخية, فهاهي التاريخية ؟.

 

لقد أعطى محمد أركون عدة مفاهيم و هي صالحة للفكر في التغير كأنه مقولة وجودية مرتبطة بمطالب الموجود الاول و العرفان و التقييم و التملك, و من هنا يقول أركون بروز مشكلات فلسفية أشد خطورة مثل مشكلة التاريخية و الحقيقة المطلقة و العقل الذي يعقلها كما يقول القران, و لقد بين الأستاذ أركون وجو عدة معاني أخرى للتاريخية فـ" أ. تورين" عرفها بإمكانية تجاوز التناقض الباطل بين البنية و التاريخ و الربط بين التحليل السوسيولوجي و المنظور التاريخي, و هناك تعري آخر للتاريخية و لكن يقول أركون هو خاص بالمؤرخين  المحترفين الذين يرون أنه ثابت بواسطة قواعد النقد التاريخي و لقد عرف أركون التاريخية بأنها مفهوم لا نهاية لها إلى حد أصبحت غير قابلة للاستعمال فمعظم التفسيرات المعطاة هي إيديولوجية, لذا فإن التاريخاتية تقر بمسماة فلسفية أو إيديولوجية تتسرب خلسة إلى التاريخية حتى و لو تمسك المؤرخ بمهمته الخاصة المتمثلة في تحليل التغير, و لقد أشار أركون إلى ضرورة إيضاح معنى زيادة اللاحقة " آنية" للكلمة "تاريخية" فاللاحقة تحيل إلى صفة واقع جوهري, فالتاريخية تسمح لنا بالبقاء في صعيد التساؤل, في حين توهم التاريخانية بوجود معنى معروف للتاريخ, فمن وجهة نظر الفكر الإسلامي أن ما يهدف إليه أركون هو العمل كمؤرخ لإبراز أهميته التاريخية في الإسلام التاريخي ثم السعي كفيلسوف إلى إجلاء الحجج المتعارضة نتيجة المجابهة ما بين مسلمات الإسلام الميتافيزيقي و المعطيات الوضعية للتاريخ, و لكن قبل التطرق لهذا فقد أعطى أركون مفهوم التقدم باعتباره مرتبط بالتاريخانية السائدة التي صاحبت الغرب نجاحات الحضارة المادية منذ القرن الثامن عشر.

و لقد حذر من وجود انفصام بين التقدم التقني و التقدم الروحي للإنسان. فنتيجة عدة أزمات و مقاومات من جانب الغرب و كل المواعظ و المذاهب الفلسفية لبعث التقدم بوصفه مشكلا مركزيا صميما للإنسان. لهذا قد يتساءل الأستاذ محمد أركون عن المتاعب الناشئة عن هذه الظروف, فماذا يملك الفكر الإسلامي لتجاوزها على الخصوص؟

هذا هو السؤال الجوهري الذي ينبغي الاحتراس من إخفائه بتبني المواقع الدفاعية الشائعة و المباحث التي تحلو للنزعة الأخلاقية و التناقضات المجردة للميتافيزيقيا الكلاسيكية ؟

 

لقد يبين لنا محمد أركون مدى أهمية العلوم الإنسانية لدى الإنسان في الحد ذاته, و أن العلوم الإنسانية هي الآن تواجه منازعات داخل الفكر الغربي. فعلى المفكر الإسلامي أن يكافح على جبهتين حتى يشق طريقه للوصول إلى فكر متحرر من كل تبعية غير مشروطة و قابل للتصديق. و لذلك يجب أن نميز بين الإسهامات الايجابية و التعاليم المتحررة من التفسيرات المستنقصة, و كما قال أركون أن ممارسة العلوم الإنسانية مرتبطة بالتقدم و التاريخية الخاصين بالمجتمعات الغربية و المشكلة تكمن في معرفة إلى أي حد يكون من المشروع نقل إشكالية هذه المجتمعات الخاصة بها و نتائجها لإظهار بعد معاش, و لقد بين لنا مدى أهمية التحدث عن التاريخية اليوم في الوسط الإسلامي و كذلك في الغرب.

و لقد عمل أركون على وضع فرضيات و مناهج استراتيجية للمفارقة التاريخية الذي يعترف في المجال الذهني للإسلام الكلاسيكي بمكونات من التاريخية العصرية, و أن معالجة التاريخية بالمعنى الفلسفي إنما تعني في الواقع أن ينطبق على القران و على ما أسميته بالتراث الإسلامي الكامل عدة قرارات هدفها هو الوصول إلى المعرفة التاريخية و التي هي كما عرفها أركون هي التي توقظ الحنين إلى الكائن الحي, و هي الرغبة في الخلود و التطلع إلى استكمال المعنى و باختصار لكل ما يتجاوز التاريخية بالضبط.

 

الوضع الراهن للمسألة:

أ/- من الصعب معرفة النوع من التاريخية المتصل بالفكر الكلاسيكي

-         لكي نقيم مفهوم التاريخية الحالي ي الفكر الكلاسيكي يجب أن نأخذ بعين الاعتبار إخفاق هجمات العقلانية النقدية التي ساقها بعض المفكرين المعزولين المنسيين عند المسلمين.

لذلك لن نتوصل إلى تحديد ما نسميه بالاستيمية الإسلامية الأصولية إلا عن طريق سوسيولوجية فشل هؤلاء.

ب/- ضرورة التمييز بين التاريخانية و التاريخية ليأخذ هنا قيمة حجة موضعية.

 

القران و التاريخية

- إننا ندرك لماذا يشكل القران التاريخية.................

- و هكذا فإننا نصور التاريخية من خلال الواقع القراني.........

 

الزمان و المكان

الوطن العربي في القرن العشرين