وسائل الإعلام ..  ما ذا قدمت للدعوة ؟؟


  
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه  أما بعد ..

إن الاستمرار في عرض حقائق الإسلام ، وتكرار ذلك في كل مناسبة ، بل جعل مناسبات الحياة كلها مجالا للدعوة إلى الله ، هو المنهج الحق ، وهو الأسلوب الواجب على المسلمين في كل وقت وحين .

نفهم ذلك من تكرار الدعوة في سور القرآن الكريم .

ونفهم ذلك من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم .

ونفهم ذلك من سيرة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأتباعهم من علماء الأمة المقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومع تطور وسائل الاتصال المكتوبة والمسموعة والمرئية ؛ فإن واجب المسلمين أن يملؤوا تلك الوسائل بحقائق الإسلام ؛ لأن عرض الحق واجب ، ولأن تلك الوسائل إن لم تشغل بالحق شغلت بالباطل كما هو مشاهد اليوم . إن معظم وسائل الاتصال مشغولة بعرض الباطل على الناس ، الباطل في كل شؤون الحياة .

ومنطق الأشياء أن تكرار هذا الباطل واستمرار عرضه على الناس سيجد منهم استجابة له ..

وكان من اللائق بالمسلمين أهل الإيمان وأهل الإسلام وأهل الحق أن يستخدموا ما لديهم من وسائل لعرض الحق الذي يعتقدونه .. يعرضونه بين المسلمين دفعاً للباطل ، و ملئاً لأوقات الأمة به ، ومضايقة للباطل ، ومنعاً له من الوصول إلى المسلمين .

بل و عرض الحق أيضاً على غير المسلمين في بلادهم ، تحقيقاً لواجب الدعوة إلى الله على بصيرة .

ولكن المتأمل لواقع المسلمين في مجال الدعوة يجد ضعفاً شديداً ؛ فوسائل إعلام المسلمين بدلاً من حمل الحق وعرضه ، تحمل الباطل ، وتعرضه بين المسلمين  -عياذاً بالله - بل وتسخّر إمكاناتها للإغراء بالباطل ، وتزيينه .. وكأنهم وكلاء للشيطان في ترويج بضاعته وتسويقها .

انظر إلى الصحافة في العالم الإسلامي ، العربي منها وغير العربي . المحلي منها والخارجي .

ماذا تجد ؟؟

نجد خيراً قليلاً ، وشراً كثيراً مستطيراً .

نجد بضائع الكافرين الفكرية ، تعرض بأقلام أصحابها ، وأحياناً بأقلام أبناء المسلمين ، بمختلف أشكال العرض .

إن الضلالات الفكرية تعيش في الصحافة العربية كجزء من تكوينها يشبّ فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير .

ولا نبالغ إذا قلنا أن الانحرافات الفكرية والإلحاد والعلمنة في العالم العربي ، وما يبنى عليه من أحزاب ، وحكومات علمانية .. قد سخرت الصحافة لخدمة أغراضها ، وقد حققت عبر الصحافة الانتشار المريع بين المسلمين .

ولو نظرت إلى الإذاعة والتلفاز لوجدت الشيء الكثير .

وللتلفاز مميزات أخرى تفوّق بها على الصحافة والإذاعة .. وهي قدرته على تجسيد الباطل ، وعلى الإغراء به .

نعم إن برامج الترفيه في التلفاز في بثه المحلي والدولي عبر شبكات الاتصال المباشر وغير المباشر تعرض للناس الباطل مجسّداً . يرونه عياناً لا يكتفون بالقراءة عنه أو السماع .

إن التلفاز يعرض للناس المنكرات عياناً ، ويغريهم بها ، ويشجعهم عليها ، بل ويميت في نفوسهم الغيرة وإنكار المنكر .

إن الكثير من الشعوب الإسلامية قد مسخت عملياً ، ولم يبق لها من إيمانها إلا ألفاظ لا وجود لها في حياتهم العملية ؛ حيث انحصر الحديث عن الإيمان والإسلام وأحكام الدين في أضيق نطاق ..

وأصبحت الحياة العامة بعيدة عن تعاليم الدين . ذلك هو واقع حياة المسلمين اليوم .

إن الإيمان الذي نعتزّ بالانتساب إليه يحتاج إلى إيمان !! (( يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا )) إننا في حاجة ملحّة ودائمة إلى أن يعرض علينا الإيمان ، وأركان الإيمان ، وأسباب الإيمان ، ووسائل الإيمان ، والمشجعات على الإيمان ، حتى يتذكر الغافل ، ويزداد الذين آمنوا إيماناً .

إننا نطالب وسائل الإعلام أن تزيد جرعات الحق الذي تعرضه ، وأن تقلّل - إن لم توقف - جرعات الباطل والشر الذي تقدمه .

إن مطلبنا هذا مشروع ، ومطلب ملحّ حفاظاً على ديننا وإيماننا .. حفاظاً على أطفالنا وشبابنا من تيارات الباطل الزاحفة .

هذا المطلب مشروع لأن الله أمر المسلمين جميعاً ، ورجال الإعلام منهم ، أمرهم بالدعوة إلى الحق .

هذا المطلب مشروع لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقول الحق والدعوة إلى الله ، واستمر في حياته كلها داعياً إلى الحق ، ومحارباً للباطل ، ومتصدياً له .

هذا المطلب مشروع لأن ولاة الأمر في هذه البلاد أمروا به ، وألزموا به جميع العاملين في الإعلام . ولا يخفى علينا أن الله أمرنا بطاعته ، وطاعة رسوله وأولي الأمر ، فلا بد من استخدام وسائل الإعلام في تقديم الحق ، والتصدي للباطل .

تقول السياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية في مادتها الأولى : يلتزم الإعلام السعودي بالإسلام في كل ما يصدر عنه ، ويحافظ على عقيدة سلف هذه الأمة ، ويستبعد من وسائله جميعها كل ما يناقض شريعة الله التي شرعها للناس  ...

هذا نص ملزم فأين طاعة ولي الأمر يا رجال الإعلام ..

أم أنكم تدّعون أن ما يقدم لا يخالف هذه المادة !! ونحن نقرأ ، ونشاهد ، ونسمع في كثير من البرامج ما يخالفها صراحة .


وتقول المادة الثانية :

يعمل الإعلام السعودي على مناهضة التيارات الهدامة ، والاتجاهات الإلحادية ، والفلسفات المعادية ، ومحاولات صرف المسلمين عن عقيدتهم ، ويكشف زيفها ، ويبرز خطرها على الأفراد والمجتمعات ، والتصدي للتحديات الإعلامية المعادية بما يتفق مع السياسة العامة للدولة .

أسألكم بالله يا رجال الإعلام .. هل طبقتم هذه المادة ؟؟

هل تصديتم للتيارات المعادية للإسلام ؟

أم كنتم عوناً على الإسلام ؟

إن هذه السياسة جزء من السياسة العامة للدولة ، وهي ملزمة لجميع المؤسسات الإعلامية في المملكة ، ولو التزم بها رجال الإعلام لرأينا وجهاً مشرقاً نفخر به ، ونسعد أيضاً حينما نجده يتصدى للباطل  .

ولا يزال الأمل يعيش معنا في تحقيق ذلك .

 

الشيخ سعيد بن مبارك آل زعير