المادة المظلمة

لا يزال علماء الفلك يحاولون فك طلاسم أحد أسرار الكون الغامضة ، فقد وجدوا أن كل المادة المضيئة التى نراها فى الفضاء كالنجوم والمجرات لا تمثل إلا 10 بالمائة أو أقل من إجمالى كتلة الكون وأن الباقى عبارة عن مادة خفية أطلقوا عليها المادة المظلمة .ونتيجة لهذا الاكتشاف المذهل يواجهون باثنين من أكثر الألغاز غموضا فى العلم الحديث : ما هى المادة المظلمة ؟ وما هو مقدار الموجود منها ؟ ومعرفة الإجابة عن هذين السؤالين ربما تبين لنا المصير النهائى للكون تختلف المادة المظلمة عن أى شئ نعرفه أو حتى نتخيله ، وتحتاج لفهم جديد تماما لكل مكونات الكون ولسر كنه أسرارها تبنى الفلكيون وغيرهم من العلماء كثيرا من الأساليب لحل لغز المادة المظلمة وهم يجمعون الأدلة ويفحصونها ويستخدمون قدراتهم على الاستنتاج للتوصل إلى حل مقبول فمن المعروف أن الكون يتكون من وحدات أساسية هى المجرات التى تعرف بأنها تجمع هائل من النجوم والسدم والكواكب والأجرام الفضائية الأخرى والغازات الكونية ، تتخللها مجالات كهربية ومغناطيسية جبارة وخارج مجرتنا الطريق اللبنى توجد آلاف الملايين من المجرات الأخرى ، وهى ليست موزعة بانتظام فى الفضاء إنما توجد فى حشود قد تتضمن آلاف المجرات ويطلق عليها العناقيد المجرية وأول دليل على وجود المادة المظلمة جاء من ملاحظات لعناقيد المجرات ، ففى عام 1933 قاس الفيزيائى الفلكى السويسرى فيرتززويكى حركة المجرات فى العنقود المجرى ( الذؤابة ) وتبين له أن المجرات الفردية تتحرك بسرعات كبيرة جدا ، بحيث لا تظل المجرات متجاورة لفترة طويلة من الزمن ، ولابد أن تؤدى حركة كل مجرة فى العنقود إلى ابتعاد أجزاء المجموعة عن بعضها البعض ، إلا أن عمليات الرصد الفلكى تؤكد أن العنقود المجرى لا يزال متماسكا كوحدة واحدة واستنتج زويكى أن مجموعة المجرات داخل العنقود لابد أن تكون كتلتها أكبر عشر مرات مما تبدو عليه ، حتى تظل متماسكة بالجاذبية ، وهذا الفرق الهائل فى الكتلة يعنى أن نحو 90 % من العنقود المجرى خفى أى مكون من مادة مظلمة ، وفى البداية أطلق علماء الفلك على المادة المظلمة الكتلة المفقودة إلا أن هذا التعبير مضلل وخادع ، فالكتلة موجودة فعلا هناك ، ولكن الضوء الذى . يجب أن يصدر عن المادة هو الشىء المفقود وفى عام 1987 رصد الفلكيون قوسا غريبا من الضوء يظهر حول مجموعة من المجرات ، واتضح أن هذا القوس نشأ عن ضوء قادم من مجرة بعيدة ، وأنه انحنى فى شكل قوس بتأثير المجال التجاذبى لمجموعة المجرات تماما كما تنبأ آينشتين منذ حوالى 50 عاما ومن شكل القوس حسبوا مقدار المادة التى يتعين وجودها فى كتلة مجموعة المجرات لتحدث هذه الانحاء ، ووجدوا أن إجمالى مقدار هذه المادة أكبر من لمقدار المرئى منها ، ومن ثم استنتج علماء الفلك أن معظم المادة لابد أن تكون مادة مظلمة خفية .