لا تشبهني الوجوه .. إلا وجهــك !!

يا أنت ..

تشبهني وأنت عند مفترق طريق لا تعرف وجهتك

وتشبهني عندما تجلس مطأطأ القلب تبحث عن موكب يحتفل بيأسك

وتشبهني عندما تتزين بسكرة .. تخون الروح فلا تأخذها

فتمارس عادة البكاء بلا دموع

تراقب الطريق .. تبحث عن شيء لا تعرفه

تتفحص وجوه الرياح وملامح الرمال وبعض المارة الأموات

لعلك تجد فيهم من يشبه ذلك الذي تبحث عنه

وعندما يدلهم الليل

لاتدري .. هل كان الليل مظلما أم أن ما بداخلك كان الظلام

مساحة اليقظة في أعينك ليست موجودة ..

والنظرة فيها تشبه الموت كثيرا

آآآه .. كم تشبهني عندما تكون أنا

دعني ملقى على قارعة طريق لا يعرفني ولا يعرفك

فأنا أعشق دروبا خالية .. تشبهك

وصوت يصدر حشرجة في السكون

دعنى ملقى ..

فأنا مصنوع من أرض يباب

ووجهي يقتسم مع البؤس .. ملامحه

وحيد أنا .. مثلك

يسكنني الموت

حتى آخر قطرة من حياة

كم أشبهك !!

مجنونة تلك المرآة

أخبرتني أن في وجهي وجه آخر يشبهك

وأن فيها دمعة لن تكتمل رقرقتها إلا في عيد الموت

وأن ثمة شرخ في الروح

وبقايا من حزن قديم

ياااااه

كل ذلك مخبأ .. خلف وجهي!!!

لم أكن أدري حينها أني كنت أختزل وجه مثقوب بالألم

وأني كنت أمارس.. طقوس "التصنع"

وأتوسد "الإختباء"

أنت مثلي

شظايا الحزن ملاءتك

وتحت وسادتك, خبأت بقايا عيد ولون من ألوان قوس قزح

ومثقال ليل ويأس

يا أنت ..

يزعجني صخب غيابك الشاحب

وتزعجني غيمة لا تمطر

 

تعال يا أنت

لنقتل أنين روح أثخنتها الهزيمة حتى منتصف الشباب

ولنقتفي أثر المسافرين إلى عمر قديم

وننشد أغاني الترتيل لجنازات الذكرى

وأعدك

أعدك

أني لن أطعمك من بقايا طعام موائدها المصنوع من البؤس

فقط تلك الحلوى

المتخمة بتفاصيل "النسيان"

وعندما يمارس الإنهاك سطوته علينا

دعنا نتمدد على قمة جبل اختزلت صخوره لقاءات الماضي القديمة

ونتوسد الفقر والألم

وصورة أمي

وبقايا من صور الأموات

لنقتات منها بعض الحياة

بين نفسي ونفسي دنيا مسكونة بالضباب والأحزان

تماما مثلك

يا أنت

أعطني لون .. وسأرسم به قوس قزح بكل الألوان..

وأعطني ورقة .. لأصنع لك بها .. دنيا أخرى أعلقها على ذاك القوس

وأعطني "أنت" لأصنع من نفسي.. حياة أخرى

فأصبح عندها .. "أنا" مرتين..

قالت لي نفسي مرة عن أولئك الأحبة لي في الله.. ..:

التعود يقود إلى الحب

وكنت أحبهم قبل أن أعتد عليهم

وها أنا اعتدت عليهم

فأحببتهم مرتين

يا أنت ..

تعال نرسم على رغيف الخبز وجهي ووجهك..

ثم نقتسمه ..

فتأكل قسمك المرسوم عليه وجهي..

وآكل قسمي المرسوم عليه وجهك..

ثم ننظر في المرآة ..

من يشبهني..

ومن يشبهك..!!

منذ ألف ذكرى لم يطرق العيد بابنا

ولم يدس أحدهم مالا في حقيبة العيد الجديدة

تعال معي

فهذا الليل عيدنا حتى يطلع الفجر

يا أنت

تعال نتمدد حول ناصية الحلم

ونزين العمر المتشظي هزيمة بلون من ألوان الفجر

ثم نرتق الحزن بأغنية تركل اليأس

وتصنع من ظلمة الليل الأسود فجر

تضيئه ألف شمس من حلم

تعال

فأنا مثلك

ولدت وفي فمي ألف ملعقة من دمعة

غرفت من براكين الوجع

وعندما يطلع الفجر

لن أدعك تبكي يا "أنت" على عيدنا المحروق بضوء الشمس

كورقة تين مصلوبة في كانون الألم

بل سأغزل عيد جديد على وجهي ووجهك بمغزل الليل

وسأسرق خيوطها من شمس سرقت منا

ليل العيد الجميل

لن أدعك تبكي يا "أنت"

فأنا .. أعشق وجهك المخبئ خلف وجهي..

وإن لاكت ملامحه..

رقصات الفقر

و"الموت"

يا أنت ...

تشبهني عندما ينفض الغبار ذراته على جبينك

فيتفصد حزنا مطرزا بوشاح

يكفنك

تسأل المارة من الأموات ..

لماذا أنا مكفن ..

ولم أمت بعد..!!!

ثمة أحياء يجهلون الحياة ..

يجتازون برزخ الفرح ..وهم يبكون

إذا .. من قال أن الأموات فقط يجهلون الضحك!!

إنهم يضحكون .. لكنهم يخافون أن يتهمهم بعض الأحياء

بالجنون..

فالأموات عندهم خلقوا .. ليبكوا..

وهم صامتون

تماما مثلهم..

هناك أزمنة .. يتساوى فيه حياة الحي "وحياة" الميت..

أنت ..

أسأل السؤال قبلك..وتجيبني "قبلي"

وكأننا نمارس بغياب الآخرين..طقوس التمازج

فنمتزج معا أنا وأنت .. على روح واحدة ..

سألتك.. هل المسافات بيننا وبين أحبتنا. .."تموت" إن لم نسقيها؟

وأجبتني..

لاتوجد مسافات بيننا وبين من نحب من البشر

أذهلتني يا أنت .. فأنا لم أعرف أن الزمن ينسى نفسه على قارعة المسافات بيننا وبين الأحبة..فيبدأ بالإنسلاخ من الوقت .. ويكون بلا هوية فيجلس على أول الطريق هناك كشيخ كبير مع عصاه. ينتظرنا حتى تنتهي من زيارة من نحب..فيضيع الوقت.. وتختفي المسافات..

وسألتك مرة أخرى يا أنت

هل يتحتم علينا أن نبكي على فراقهم..إن هم رحلوا؟؟

فأجبتني يا أنت ..بقولك

يا أنا .. من قال أننا عندها سنملك الروح لنبكي عليهم..

إن هم رحلوا..رحلنا معهم..

ياااااه..

كم هو صحيح قولك ..

لأني لم أعد أمتلك تلك الروح بعدهم

ثم سألتك.. هل ستبكي عند رحيلي.

فأجبتني :

يا (أنا) .. أنت هو أنا فكيف سترحل عني

عندها .. فقط عرفت

أن الذي كنت أحمله بين جنباتي منذ أن ولدت..

كان "أنت"

وليس أنا ..

أنت كل الأحاديث

وقلبي مصنوع من ورق يشرب النبض كلما جف الدمع

دعني أشبهك أكثر .. يا أنت

فأنا ألتحف جسدا مطرزا بوجهك

ومناديل .. تسرق من دمعتي .. عينك

مغسول أنا بنبضك ... وأنت

 

لازلت يا "أنت"

تشبه كل الأحاديث ...

تماما ..

كـ"ـمثلي"

_________________

 

يَضعُ عينيهِ على خاصِرةِ الحُزن

ويحتَويهِ الطريقُ إلى التيه

يَستمِدُّ من مَقبرة أبيهِ .. صمتاً موجعاً

يعلمُه..// الكَلام

يحلُمُ بأغنيةٍ منتشية بِضحكاتِ الطُّفولة

مرهقٌ هو

وكأنَّه..// يُمارِس الحَياة كُلها مُنذ الوِلادةِ حتى اليوم

يشبهُ الأرضَ في تَقاطعاتها وَمِساحاتها

يُراودُ المَطر عَن نفسِه

فَيحلُمُ بالسَّواقي وَ"الدموع"

مَن يُبايعُني على الحياة

لأبايعَه عَلى "الموْت "

للحَياة مَعَهُ مَذاق "الغُربة"

وكأنّ في عَينيهِ // دهاليز تَذهَبُ بِك إلى زَمنٍ لَيسَ في خَارطة الوجود

يشْعر أنّ الدنيا لَيست لَه

يُمارس اللاوُجوديةَ في هذه الحَياة

فلربَّما يَملّه الزّمن ويلفظُه خارجه لِيعودَ إلى زَمنه

لكنه يَستمِر في الحَياة ..

 

لِيموت مِن الحزن

ثم..// يبكي

يَتوسّد "كنا"

وَكأنّه يَغرف مِن مَعين الذِّكرى ..//حياة

كُلّما نَضبت واحِدة يَغرف الأخْرى

ليَعيش

في غَيبوبة الـ//"مامضى" ..

جُرعات مِن هَزيع لَيل الذِّكرى الأخير

يَضَعها في ملاءَته

ولا يَدري أحد

ليُخفي وَجهه بين يَدي الليل

ثم ...// يَبكي

حتى الفَجْر

 

 

مرآة نفسي