قضية القرى السبع الى الواجهة

قضية القرى السبع الى الواجهة / حسين سعد / البلد

شعر أهالي القرى السبع عند تحرير الجنوب والبقاع الغربي في أيار العام 2000 بعدم استحالة استعادة أراضيهم وبيوتهم التي هجروا منها عام 1948 ووجد أهالي هذه القرى اللبنانية الذين حصل قسم منهم على الجنسية اللبنانية في العام 1960 بقانون استعادة الجنسية اللبنانية وحصول الباقين على الجنسية بموجب مرسوم التجنيس العام 1994، أنفسهم أمام واقع معقد. فالدولة اللبنانية التي تقول بلبنانية هذه القرى في القاعات المقفلة لم تدرج القرى السبع يوماً على أجندتها ولا على الخريطة اللبنانية واعتبرت نفسها في حل من هذه القضية بعدما منحت أهالي هذه القرى الجنسية "طربيخا ـــ صلحا ـــ هونين ـــ ابل القمح ـــ النبي يوشع ـــ قدس والمالكية" وجعل قيودهم في المدن والقرى التي يقطنون فيها. ومع ذلك فان أبناء القرى السبع والذين أصبح عددهم يربو على الـ34 ألف مواطن لم يستسلموا لهذا الواقع فقاموا في أعقاب التحرير بمعاينة قراهم التي أصبحت مستوطنات يقطنها يهود ابتداء من محيط يارين وحتى مرجعيون، وذلك عبر وضع اللوحات والأسهم التي تدل على قراهم التي ولد فيها آباؤهم وأجدادهم، وقد أعد أهالي بعض القرى "هونين وطربيخا" ملفات عقارية جديدة حيث جرى أخيراً ادراج هاتين البلدتين على خريطة لبنان بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية.ـ

تاريخ القرى السبع

في أيلول سنة 1920 أعلن الجنرال الفرنسي غورو قيام دولة لبنان الكبير بموجب القرار 318 الذي عين حدود هذه الدولة الجديدة الواقعة ضمن المنطقة الزرقاء الخاضعة بموجب اتفاق سايكس ـــ بيكو للنفوذ الفرنسي. وهذه الحدود حينها كانت تشمل 31 قرية لبنانية جرى سلخها عن لبنان في ما بعد لصالح فلسطين من ضمنها القرى السبع التي لا يزال في حوزة العديد من أهلها هوياتهم اللبنانية الصادرة باسم حكومة لبنان الكبير وايصالات مالية كانوا بموجبها يدفعون الضرائب للجباة لولاية بيروت. وتشير الوثائق المنشورة في كتاب من اعداد المركز الاستشاري للدراسات حول القرى السبع يتضمن النواحي القانونية والاجتماعية الى عدد من المحطات سبقت ضم هذه القرى الى فلسطين المحتلة.ـ

وتقول في معرض تنفيذ أحد بنود معاهدة سان ريمو لترسيم الحدود: جرى وضع خطوط موقتة في أواخر تشرين الأول العام 1920 ريثما يتم الاتفاق النهائي. عندها حصلت فضيحة كبرى تمثلت باستيلا مكتب الوكالة اليهودية التي كانت من خلاله تجري عمليات الاستيلاء والصفقات العقارية على منطقة مستنقعات "الحولة" وكانت حينها احدى الشركات الفرنسية التزمت تجفيف هذه المستنقعات فاشترط هذا المكتب على الفرنسيين التنازل عن 23 قرية لبنانية واقعة ضمن منطقة النفوذ الفرنسي وضمها الى فلسطين مقابل تجديد عقد امتياز الشركة الفرنسية في تجفيف المستنقعات وهذا ما حصل حيث جرى ضم 23 قرية لبنانية الى المنطقة الواقعة تحت الاحتلال الانكليزي.ـ

وفي العام 1920 (23 كانون الأول) توافق الفرنسيون والبريطانيون بموجب معاهدة باريس حول مسألة تنظيم شؤون الحدود والمياه وسكك الحديد وغيرها. وفي أوائل حزيران عام 1921 بدأت أعمال ترسيم الحدود على الأرض من خلال اللجنة التي جرى الاتفاق على تشكيلها ومثل الجانب البريطاني الكولونيل "نيوكومب" ومثل الجانب الفرنسي الكولونيل "بوليه" وفي الثالث من شباط عام 1922 وقع الكولونيل بوليه والكولونيل نيوكومب وثيقة عرفت بالتقرير الختامي لتثبيت الحدود بين لبنان الكبير وسورية من جهة وفلسطين من جهة أخرى. عدلت بموجبها لجنة "نيوكومب ـــ بوليه" الحدود بازاحة الخط المتفق عليه في اتفاقية 1920 حوالى كيلومترين الى الشمال لتبدأ من رأس الناقورة وتسير الى الجنوب قليلاً من قرية علما الشعب ثم تنحرف شمالاً على حساب لبنان عند حدود رميش ويارون، ويستمر الانحراف حتى شمال غرب المطلة. ثم تنحرف مجدداً على حساب لبنان فتمر بجسر "البراغيث" وجسر الحاصباني بدلاً من مرورها بتل القاضي وتل دان بهدف تأمين المياه لمنطقة الانتداب البريطاني. وبموجب هذا الترسيم خسر لبنان عدداً من القرى ومنها طربيخا، تشحل، النبي روبين، سروج، المالكية، قدس، النبي يوشع، صلحا هونين، ابل القمح.ـ

التهجير

جرى احتلال القرى السبع سنة 1948 من قبل العصابات الصهيونية في اطار الهجوم الذي شنته تحت عنوان عملية "يفتاح" في سياق خطة دالتا التي هندسها "ييغال آلون" قائد البلماخ واستمرت هذه العملية من أواسط نيسان حتى آخر أيار ونتج عنها احتلال المنطقة وطرد أهلها بالقوة بعد ارتكاب المجازر الجماعية وخصوصاً المجزرة التي ارتكبت بحق أهالي صلحا التي ذهب ضحيتها أكثر من مئة وخمسة أشخاص بعدما جرى تجميعهم في محيط المسجد واطلاق النار عليهم. وكانت المنطقة قبل سقوطها وتهجير أهاليها الى خلف الحدود الفلسطينية قد شهدت معارك عنيفة ومواجهات بطولية خاضتها سرية لبنان الجنوبي بقيادة النقيب محمد زغيب وخاصة في بلدة المالكية التي استشهد فيها مع عدد كبير من الجنود دفاعاً عن هذه الأرض اللبنانية.ـ

الأهالي

ويؤكد رئيس الجمعية الاجتماعية الثقافية لأبناء القرى السبع حسين عبد الحسين قاسم بأن آمال الأهالي كبيرة في استعادة أراضيهم في ظل وجود المقاومة التي حررت الأرض. ودعا الدولة الى متابعة هذا الموضوع من الناحية القانونية في المحافل الدولية وعرض قاسم لمطالب أبناء القرى السبع التي لخصها بما يلي:ـ

أولاً: اعادة رسم الخريطة السياسية للجمهورية اللبنانية لتضم هذه القرى كجزء من أراضي لبنان بعدما سلخت عنه استناداً الى تدابير باطلة.ـ

ثانياً: تبني لبنان الرسمي والشعبي موقفا سياسيا على الصعيد الداخلي باتجاه اعلان لبنانية هذه القرى المغتصبة واثارة موضوعها على كافة المستويات الدولية لا سيما الدبلوماسية.ـ

ثالثاً: اعادة انشاء سجلات عقارية جديدة لهذه القرى تسمى فيها كل منطقة عقارية باسمها الأصلي لئلا يشترك لبنان في تزوير التاريخ والجغرافيا على حساب أهله وأرضه.ـ

رابعاً: عدم تمييز أبناء القرى السبع عن سواهم ممن اكتسبوا الجنسية اللبنانية واعتبارهم لبنانيين أصيلين أعيدت اليهم الجنسية اللبنانية مع كل ما يستتبع ذلك من آثار قانونية على صعيد الحقوق السياسية والمدنية التي حفظها الدستور واعادة الجنسية الى من لم يشملهم المرسوم.ـ

خامساً: تبني موقف رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص وتوصية مجلس النواب في العام 1999 باعتبار هذه القرى لبنانية

سادساً: مساعدة أبناء القرى السبع في الحصول على تعويضات عادلة والضغط باتجاه فرض هذه التعويضات من خلال القانون الدولي والزام الكيان الصهيوني بدفعها.ـ

سابعاً: الاستمرار في احياء المناسبات المتعلقة بتهجير أبناء هذه القرى وذكرى معركة المالكية ومجزرة صلحا وغيرها.ـ