كلام صريح   I    المسلمون في الهند    I    النخبة    I    الهند - التكنولوجيا والمعلومات    I   الهنود والنكات     التعليقات    I     

 
       

تغطيات خاصة

 أخبار الهند

 الرئيسية

 
 
 

 المقالات

 

في البدء كانت بنغلور

 (إعادة النشر 14 فبراير / شباط 2007)

بقلم الدكتور عبد الله المدني

 

الافتتاحية

كلام صريح

قضية الساعة

النخبة

المسلمون في الهند

الهنود العالميون

التكنولوجيا

المقالات

أخبار الهند

المعلومات الأساسية

الهنود والنكات

الفضاء

الصحف العربية

العلاقات الخارجية

التعليم

الثفافة

المتفرقات

الصور

FAQ

Downloads

المحطات

المصادر  

التعليقات

من نحن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      د. عبد الله المدني

باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية من البحرين

 

·  ولد في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

·   أتم مراحل دراسته الابتدائية و الإعدادية و الثانوية ما بين البحرين و السعودية.

·   درس المرحلة الجامعية وما بعدها في  بومباي وبيروت والقاهرة وبوسطون واكسيتر.

·   يحمل شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من  بيروت , وشهادة الماجستير في العلاقات الدولية والاستراتيجيات من جامعة  بوسطون الأمريكية , ودبلومي التخصص في شئون شبه القارة الهندية وشئون جنوب شرق آسيا من الجامعة نفسها.

·        حاصل على دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية من جامعة اكسيتر البريطانية.

·   شارك في العديد من المؤتمرات والندوات وورش العمل الخاصة بالشئون الآسيوية أو بعلاقات الخليج بآسيا في داخل الخليج و خارجه .

 

لو قدر لأجدادنا في الخليج أن يبعثوا من قبورهم ويعودوا إلى مدن في الهند من تلك التي ترددوا عليها في حقبة ما قبل النفط وهاموا عشقا بها وحسبوها درة الدنيا ونهاية حدود الكون، لما عرفوها.  
صحيح أن المدن، كبقية الأشياء، تنطبق عليها قوانين التطور والنمو فتتبدل خرائط وجهها بتقادم الزمن، إلا أن ما حدث في بومباي ودلهي ومدراس وكلكتا وبنغلور وحيدر آباد وتريفاندرم تجاوز تغيير الصورة إلى تغيير الوظيفة. إذ لم تعد وظيفة هذه المدن إنتاج وتسويق البهارات والحرائر والكماليات والسلع التقليدية بقدر ما هي إنتاج وتسويق العلوم والتكنولوجيا والعقول المبدعة.
وتمثل بنغلور عاصمة ولاية كارناتاكا الجنوبية نموذجا لما جرى ويجري في بقية المدن الهندية. فالمدينة التي كانت في زمن البريطانيين المكان المفضل لدى المتقاعدين والباحثين عن الهدوء، بفضل مناخها اللطيف وبحيراتها الجميلة وما شيده فيها حاكم ميسور »حيدر علي« في القرن الثامن عشر من حدائق غناء مترامية الأطراف، صارت في فترة هي بالتأكيد قياسية في حياة الأمم والشعوب، معقلا للعلوم والصناعات ومراكز الأبحاث ومعاهد التدريب العالية.  
وهي بتخصصها قبل غيرها من المدن الهندية في صناعة البرمجيات التي تعتبر الهند اليوم اكبر مصدر لها في العالم، فازت بلقب »وادي السيلكون الجديد« المتفوق على وادي السليكون القديم في كاليفورنيا لجهة عدد العقول العاملة فيه. وهذا، إضافة إلى عوامل أخرى مثل تدني الأجور وانتشار اللغة الإنجليزية ووجود بنية تحتية مناسبة، شجع كبريات الشركات العالمية (مثل ميكروسوفت وآي بي ام وموتورولا وفيليبس واميريكان اكسبرس وبريتش تيليكوم) على طرق أبواب المدينة بحثا عن فرص الاستثمار المجزية أو لاتخاذها مقرا رئيسيا أو إقليميا لأنشطتها.  
لكن كيف تحقق كل هذا؟ وما هي العوامل التي أفضت إلى تبوؤ بنغلور وبالتالي الهند هذه المكانة؟
لا شك أن الانفتاح الاقتصادي الذي دشنته الهند في مطلع التسعينات، من بعد عقود من النهج الاشتراكي والتخطيط المركزي وقيادة الدولة للاقتصاد، لعب دورا كبيرا في ما تشهده هذه البلاد اليوم من انطلاقة علمية وصناعية مشهودة وحراك اقتصادي غير مسبوق وبالتالي قدرة على غزو الأسواق الخارجية بالصادرات التكنولوجية وزيادة احتياطيات الخزينة من العملات الصعبة (بلغت العام الماضي رقما غير مسبوق في كل تاريخ الهند هو 130 مليار دولار). غير أن هذا العامل رغم أهميته لم يكن سوى عامل مساعد. إذ لولا وجود طاقات جاهزة من نتاج خطط تنموية هادئة وحصيفة في الحقب السابقة، لما كان الانطلاق والريادة سهلا.
لقد كان من رأي الزعيم الهندي الكبير الجواهر لال نهرو - بحسب ما ورد في خطبه قبل وبعيد استقلال الهند - أن امة كالأمة الهندية بتاريخها العريق وثقافاتها الغنية وموقعها الاستراتيجي وامتدادها الجغرافي لا يمكنها أن تبقى على هامش العالم بل يجب أن تكون في قلبه وتؤثر في مساره وأحداثه. وكان من رأيه أيضا أن السبيل الوحيد أمام الهند للعب دور يتوافق مع خصائصها هو التفوق والبروز علميا وتقنيا وصناعيا. ومن هنا وقع اختياره على بنغلور لتكون قاعدة الهند العلمية والصناعية ومركز مؤسساتها البحثية، واصفا إياها بمدينة المستقبل. أما لماذا بنغلور تحديدا، فلأنها إضافة إلى ميزاتها سالفة الذكر، كانت على الدوام الأولى تاريخيا بين مدن الهند لجهة استيعاب الجديد في عالم الاكتشافات والوسائل الحضارية. فهي أول مدينة هندية مدت إليها خطوط الهاتف (في عام 1898) وتزودت بشبكات الكهرباء (في عام 1900) وعرفت صناعة الصلب ومشاريع الري ومدارس المهن الفنية (ابتداء من 1912).  
لم تكن الدولة الوليدة وقتذاك تملك الكثير للإنفاق على طموحاتها، فلجأ نهرو إلى أرباب الصناعة من العائلات الهندية الثرية يشحذ أريحيتها للمساهمة في جهد سوف يعود عليها بالنفع المؤكد مستقبلا. وكان من حظه أن وجد أثرياء بعيدي النظر ومشبعين بالولاء لوطنهم ومقتنعين بصدق توجهات زعيمهم، من أمثال قطب الصناعة والتجارة المعروف »تاتا« الذي تبرع فورا بنصف ثروته من اجل الإنفاق على متطلبات البحث العلمي وإنشاء المعاهد العلمية والفنية ورعاية الموهوبين والنابغين.
وهكذا بحماس الدولة واهتمامها وبتحالف المال الخاص مع العلم، بدأت بنغلور خطواتها نحو الانطلاق وفق ما رسم لها. ولم يمض وقت طويل حتى صارت المدينة الشاعرية الهادئة تحتضن العشرات من مراكز الأبحاث والكليات الهندسية والمعاهد التقنية التي دأبت على مد مختلف القطاعات الصناعية والإنتاجية بالعقول والأيدي الفنية المدربة والدراسات الثرية. وكان لهذا انعكاسات ايجابية على مستويين. فمن ناحية أغرى ما حققته بنغلور مدنا هندية أخرى على اقتفاء خطواتها. ومن ناحية أخرى زالت الشكوك التي ساورت بعض رجال الأعمال والصناعة الهنود، فراحوا يرفدون جهود الدولة العلمية والبحثية بحماس اكبر.
وبتحرير الاقتصاد وفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية وسن قوانين وحوافز لتشجيع هنود المهجر الأثرياء على العودة، وظفت بنغلور كل ما تراكم لديها من خبرات وعقول وطاقات للتركيز على صناعة العصر أو صناعة البرمجيات على نحو ما أسلفنا. وفي غضون عقد واحد من الزمن استطاعت أن تصبح مسئولة عن نحو 40 بالمائة من إجمالي صادرات الهند من هذه الصناعة التي تدر على البلاد سنويا ما معدله 20 مليار دولار، وان تصبح حاضنة لنحو 25 ألف عالم في مجال هندسة الحاسب الآلي من اصل 220 ألفا تفتخر بهم الهند، وان تقيم جامعة متطورة للعلوم وتقنيات المعلومات هي اليوم من بين أفضل عشرين جامعة على مستوى العالم وتتنافس دول في أوروبا وجنوب شرق آسيا على استقطاب خريجيها لشغل وظائفها التقنية.

وعلى هامش هذه التطورات حدث ما يشبه الثورة في ملامح المجتمع البنغلوري ذي الملايين الستة، الأمر الذي يجسده انخفاض الأمية إلى ٤١ بالمائة وارتفاع عدد دور النشر إلى 67 دارا وعدد الصحف اليومية والأسبوعية إلى 110 صحف وعدد مالكي خطوط الانترنت إلى 100 ألف نسمة، ناهيك عن استعمال ما لا يقل عن 80 بالمائة من عدد السكان لأجهزة الاتصالات والمعلومات الالكترونية واستمتاع أكثر من 60 بالمائة من السكان بالبث الفضائي الذي هو الآخر ميدان برعت فيه الهند في السنوات الخمس عشرة الأخيرة من خلال برامجها الذاتية لإطلاق الأقمار الصناعية.
إن قصة بنغلور التي تكررت في مدن هندية أخرى يمكن اختزالها في عبارة واحدة هي: أن الشعوب بامكانها أن تبدع وتصنع المستحيلات حينما ترزق بقيادة حكيمة ونظام ديمقراطي مستقر وأرباب أعمال بعيدي النظر، وقبل كل شيء حرية البحث والتفكير والعمل.

 

*باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية

elmadani@batelco.com.bh 

 

المصدر:  المصدر: الأيام - 20 مارس 2005م

(المقال مصرح بنشره من كاتبه )

أكتبوا إلينا آراءكم وتعليقاتكم: الآراء و التعليقات

المواضيع الأخرى

قصة نجاح الهند في تكنولوجيا المعلومات (كلمة بوابة الهند)
نهوض نمور بنغلور

أخبار أمريكا من بنغلور / بي بي سي / ترجمة بوابة الهند

صناعة المعلوماتية ما بين الهند والصين / بقلم :  د. عبدالله المدني

الشركات متعددة الجنسيات تقود ثورة تكنولوجيا المعلومات في الهند:  بي بي سي / ترجمة بوابة الهند

رجل عظيم اسمه "عظيم هاشم" - بقلم   د. عبدالله المدني

فينود دام، أبو البنتيوم / موسوعة ويكي بيديا / ترجمة بوابة الهند

سبير باتيا، مخترع هوت مايل / موسوعة ويكي بيديا / ترجمة بوابة الهند

أرون نيترافالي، الرئيس السابع لشركةAT & T - Belll Labs  موقع شركة AT & T - Bell Labs / ترجمة بوابة الهند

فينود كوسلا - أحد مؤسسي شركة Sun Microsystems: موسوعة ويكي بيديا / ترجمة

شركة IBM تعلن عن إستثمار ستة مليارات دولار في الهند خلال ثلاث سنوات قادمة  (19 يونيو / حزيران  2006 - رويترز)

 

   

 

 

أطلق العنان لأفكارك... واجعل كلمتك مسموعة من خلال بوابة الهند

 

 I   Downloads   I  المحطات   I   الصور   I    من نحن   I   الأسئلة الشائعة عن الهند   I   المصادر   I   التعليقات   I

 

للأمانة العلمية: نسمح بإعادة نشر أي من المواد المنشورة على موقعينا بوابة الهند و أخبار الهند شريطة ذكر عنوان موقعنا في حال أن المادة خاصة بنا و عناوين مصادرنا في حال أنها مترجمة من قبلنا

 

zerone10@rediffmail.com