-

-

جمهورية الصين الشعبية (3)

انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان

في إقليم شينج يانغ الويغار المتمتع بالحكم الذاتي

"يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء".

[المادة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان]

"جميع القوميات متساوية في جمهورية الصين الشعبية. وتحمي الدولة الحقوق والمصالح المشروعة لجميع الأقليات القومية، وتعزز علاقات المساواة والوحدة والتعاون المتبادل بين  جميع القوميات".

[دستور جمهورية الصين الشعبية، 1982، المادة 4].

المحتويات

  1. حالات وردت منذ عام 1997
  2. عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء
  3. النتائج والتوصيات
  4. هوامش

 

حالات وردت منذ عام 1997

عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء

تشعر منظمة العفو الدولية بالقلق إزاء ما ورد من أنباء تزعم أن مدنيين، وسجناء في بعض الحالات، قد قتلوا على يد قوات الأمن وحراس السجون في إقليم شينج يانغ في ملابسات تشكل إعداماً خارج نطاق القضاء، أي القتل العمد والتعسفي على يد قوات حكومية تتصرف خارج نطاق القانون. إذ ينص القانون الدولي على عدم استخدام القوة التي تفضي إلى إزهاق الأرواح إلا عند الضرورة القصوى وبصورة تتناسب مباشرة مع الهدف المشروع الذي تسعى إلى تحقيقه.

كان أول حادث له شأنه، ارتكبت فيه جرائم قتل من النوع السابق في التسعينيات، هو حادث بارين، المقاطعة الريفية الواقعة في منطقة أكسو جنوب كشغار. وكانت صدامات عنيفة قد وقعت في بارين في 5 أبريل 1990، عندما تدخلت قوات الحكومة لتفريق مئات أهالي القرى الويغار الذين تجمعوا للاحتجاج أمام مكاتب الحكومة المحلية. وفي تقرير رسمي نشر بعد الحادث بمدة وجيزة، وصفت السلطات الحادث بأنه "تمرد معادٍ للثورة"، كما صرحت أن 22 شخصاً، من ضمنهم سبعة أفراد من قوات الأمن، قد لقوا مصرعهم أثناء الصدامات. وأوردت مصادر غير رسمية أن 50 من المتظاهرين قد لقوا مصرعهم، قتل بعضهم بالرصاص الذي أطلقته قوات الأمن أثناء فرارهم من دائرة بارين، أي أنهم لم يكونوا يمثلون بالنسبة لقوات الأمن خطراً فورياً يهددها باستخدام العنف ضدها. وكان من ضمن من قتلوا في هذه الملابسات: عبد الغني طورسون، 22 سنة؛ وعيس كاري بايهان، 30 سنة؛ ويولواز توهتي، 28سنة؛ وأبليميت بالتي، 18 سنة؛ وأبابكر طورغون، 20 سنة. وُيزعم أنهم قتلوا في أحراش أوزون قرغاي وقرية هانتيراك أثناء هجوم بقذائف الهاون وإطلاق النار من طائرات الهلكوبتر الحكومية.13 وطالبت منظمة العفو الدولية في عام 1992 الحكومة بأجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة في عمليات القتل الواردة، ونشر نتائجها على الملأ. ولم يبلغ المنظمة أن هذه التحقيقات قد أجريت.

ووقعت أحداث أخرى يزعم أن عمليات قتل مماثلة قد جرت أثناءها منذ ذلك الوقت، من ضمنها حوادث احتجاج 5 و6 فبراير/شباط 1997 في غولجا. وقد أورد مسؤولون من المدينة، نقلت الصحف أقوالهم في ذلك الوقت، أن جماعة من شبان الويغار الصغار تظاهروا يوم 5 فبراير/شباط، ثم ازداد عدد المتظاهرين وهاجم بعضهم الصينيين الهان، فحطموا السيارات ونهبوا المحال التجارية الصينية. وأوردت مصادر رسمية في 13 فبراير/شباط 1997، أن تسعة أشخاص من صمنهم أربعة من أفراد الشرطة قد قتلوا، وأن 198 شخصاً قد أصيبوا أثناء اليومين اللذين جرت فيهما المظاهرات. وتقدر مصادر غير رسمية عدد الخسائر في الأرواح بأنها تتراوح بين 30 و100 شخص. وقد زعمت مصادر غير رسمية أيضاً أن العنف قد نتج عن تصرفات قوات الأمن، وأن بعض المتظاهرين والمارة الذين لم يأتوا بأي عمل عنيف قد قتلوا برصاص قوات الأمن أثناء المظاهرات وفي الأيام التالية، وكان من ضمنهم حسبما ورد، امرأة وطفل من الويغار يُزعم أنهما قتلا برصاص الجنود أو شرطة مكافحة الشغب في 10 فبراير/شباط، عندما طالبا بإطلاق سراح أقاربهم المحتجزين في مكتب الأمن العام التابع للمدينة. ولم تتوافر سوى معلومات مفصلة قليلة منذ ذلك الوقت بشأن الظروف التي أحاطت بقتل الأشخاص أثناء المظاهرات أو فيما بعد. ومازال عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم بسبب ما قامت به قوات الأمن، وعدد الذين لقوا حتفهم بسبب ما قام به المتظاهرون غير معروف حتى الآن. كما لم ينشر تقرير رسمي حول الحادث. ولم تتيسر الاستعانة بشهود عيان من المدينة للتحقق من المعلومات المتاحة نتيجة للوضع المتوتر السائد في المدينة ومواصلة استخدام القمع منذ ذلك الوقت.

ومن ضمن حوادث قتل المدنيين العزل المزعومة على يد قوات الأمن، الحالات التالية:

ومنظمة العفو الدولية ليست في وضع يسمح لها بالتحقق من دقة هذه الإفادة، ولكنها تشعر بقلق بالغ من المزاعم التي جاءت فيه. إذ يبدو أن عمليتي قتل على الأقل من التي وردت في هذه الرواية ترقى إلى مستوى الإعدام خارج نطاق القضاء. وتخشى منظمة العفو الدولية أيضاً أن تكون قوات الأمن قد أفرطت في استخدام القوة فيما يتعلق بالحالات الأخرى. ولم يجر تحقيق رسمي في الحادث كما لم يحقق مع أي فرد من أفراد الشرطة كما لم يتهم أحد منهم بارتكاب عمليات القتل المزعومة، على حد علم منظمة العفو الدولية.

تشير وثائق مختلفة متاحة لمنظمة العفو الدولية إلى أن أبا القاسم وعدة سجناء سياسيين آخرين قد حوكموا في أورومكي في يونيو/حزيران 1993 لضلوعهم المزعوم في أنشطة هدامة. وقد حكم على  ستة منهم بالإعدام في وقت لاحق وكان أبو القاسم من ضمنهم. ويقول إعلان عام صادر من محكمة الشعب الوسطى ـ دائرة أورومكي مؤرخ في 30 مايو/أيار 1995 بأن حكم الإعدام قد نفذ في خمسة من الشبان الويغار اتهموا بأنهم أعضاء في "الحزب الإصلاحي الإسلامي"، وبزرعهم قنابل في أورومكي في فبراير/شباط 1992. ولم يشارك أبو القاسم في الأنشطة السابقة وفق الإعلان العام، ولكنه زعم في عبارات مقتضبة بأنه كان يحتفظ بألغام أرضية أحضرها إلى كوتشا في تاريخ لم يحدد أحد الأشخاص الخمسة الذين جرى إعدامهم في 30 مايو/أيار 1995. ويذكر الإعلان العام، الذي توجد صور منه لدى منظمة العفو الدولية، اسم أبي القاسم الذي يقول عنه بأنه "قتل برصاصة". كما يذكر أيضاً اسم عضو مزعوم آخر في الحزب الإصلاحي الإسلامي، يدعى محمد يونس، مع وصفه بأنه "سبق قتله برصاصة" بدون التطرق إلى الملابسات. وتشير رسالة مؤرخة في 21 مايو/أيار، ورد أن إدريس جان عمر  كتبها وهو في السجن وهربها منه، وهو واحد من السجناء الخمسة الذين أعدموا في 30 مايو/أيار 1995، إلى أبي القاسم يوسف وسجناء آخرين كانوا محتجزين في سجن ليوو داووان في ذلك الوقت، وتقول الرسالة إن أبا القاسم "مات بصورة أو بأخرى ميتة الشهداء في السجن في مساء يوم 18 مارس/آذار". وقد ورد أن أبا القاسم يوسف البالغ من العمر 28 عاماً، قد ألقي القبض عليه مكتب الأمن العام في كوتشا  في 17 يوليو/تموز 1992، ثم نقل إلى سجن ليوو داووان في أورومكي. كما ورد أنه ولد في أسرة متعلمة في كونا شهر بازار، في مقاطعة كوتشا، بمنطقة أكسو، وأنه اشترك في جماعة دينية محلية في أواخر الثمانينيات.

توحي أنباء مصادر غير رسمية أن قوات الأمن في إقليم شينج يانغ تلجأ بصفة منتظمة إلى القوة المميتة حتى في الظروف التي قد تعرض حياة المتفرجين الأبرياء للخطر. وقد روى أحد المصادر مثلاً لمنظمة العفو الدولية ما يلي بشأن حادث مزعوم وقع في كشغار في أواخر يوليو/حزيران 1998. فيقول المصدر: "بدأ الحادث في سوق صغيرة بالقرب من مستشفى رقم 2 في كشغار، عندما تدخل رجال شرطة صينيون لفض شجار نشب بين جزار من الويغار وصيني كان قد اشترى منه كمية من اللحم [...] واستمعت الشرطة لشكوى الصيني ولكنها لم تتح فرصة الكلام للجزار الويغاري الذي انتحت به جانباً. واستبد الغضب بالجزار، واستل سكيناً في لحظة ما وأصاب شرطي بجراح طفيفة عندما حاول الأخير انتزاع السكين من يده. ثم قتل الجزار شرطي آخر بالسكين أثناء اشتباكه مع رجال الشرطة الآخرين، وولى بعدها هارباً. وفي تلك الأثناء، تجمع حشد كبير من الويغار والصينيين خارج المكان وانقسموا إلى مؤيدين ومعارضين لطرفي العراك وبدءوا في الشجار فيما بينهم. وسرعان ما وصلت عدة سيارات تحمل شرطة مسلحة إلى مكان الحادث وحاصرت المكان. فتوقف المتجمهرون عن الشجار. وحاول الجزار شق طريقه خارج الازدحام. ففتح شرطي النار عليه ولكنه أخطأ الجزار وقتل بائع خضروات صيني. [...] وقتل الجزار في النهاية برصاصة أطلقها عليه أحد رجال الشرطة المسلحين. [...] وتقدمت السلطات بعد الحادث بروايتها الخاصة عما حدث سعياً منها للتستر على الشرطي المسلح الذي قتل بائع الخضراوات الصيني عن طريق الخطأ، فقالت أنه كان بحوزة الجزار الويغاري مسدساً وأنه قتل بائع الخضراوات الصيني...".

النتائج والتوصيات

يوثق هذا التقرير نمطاً من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان جرت في إقليم شينج يانغ الويغار المتمتع بالحكم الذاتي، ومن ضمنها الاحتجاز والسجن التعسفي، والتعذيب، والإعدام التعسفي والإعدام بدون محاكمة. وتحدث كل تلك الانتهاكات في إطار تزايد حوادث العنف مع تصاعد إجراءات القمع والقيود المفروضة على الحريات وإنكار  الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخاصة بسكان الإقليم الأصليين.

وتعتقد منظمة العفو الدولية، أن على الحكومة تشكيل لجنة محايدة للتحقيق فيما ورد بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الإقليم، واقتراح التدابير التصحيحية، وتوفير منبر يتيح للأفراد والجماعات فرصة التعبير عن مظالمهم. وينبغي أن يصحب ذلك كله تقييم شامل للاحتياجات الثقافية والصحية ولعدم التكافؤ الاقتصادي الموجود في الإقليم، ولا سيما بالنظر إلى توقيع الصين على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وتطالب منظمة العفو الدولية الحكومة أيضاً باتخاذ تدابير تحد من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة الجارية في الإقليم بدون إبطاء. ومن ضمنها:

هوامش

1 "شينج يانغ دايلي" 22 يناير/كانون الثاني 1998.

2 "شينج يانغ دايلي" 30 أبريل/نيسان 1998.

3 رويترز، في 4 ديسمبر/كانون الأول نقلاً عن صحيفة "ليغال دايلي".

4 "شينج يانغ دايلي"، 13 يوليو/تموز 1998.

5 "شينج يانغ دايلي"، 17 يوليو/تموز 1998.

6 "شينج يانغ داليل"، 27 أغسطس/آب 1998 و أول سبتمبر/أيلول 1998.

7 "شينج يانغ دايلي"، 27 سبتمبر/أيلول 1998.

8 رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية، ديسمبر/كانون الأول 1998.

9 رويترز، بكين، 10 فبراير/شباط 1999، نقلاً عن مسؤولين محليين وصحيفة "إيليي إيفننغ نيوز".

10 رويترز، بكين، 5 فبراير/شباط 1999، نقلاً عن مسؤولين محليين وصحيفة "إيليي إيفننغ نيوز".

11 محطة إذاعة الشعب، إقليم شينج يانغ، أورومكي، 28 فبراير/شباط 1999، رصدتها هيئة الإذاعة البريطانية ونقلتها في 1 مارس/آذار 1999.

12 وكالة الأنباء الفرنسية، بكين، 9 فبراير/شباط 1999، نقلاً عن صحيفة محلية.

13 انظر تقرير منظمة العفو الدولية، "جمهورية الصين الشعبية ـ ممارسة العنف في الخفاء وانتهاك حقوق الإنسان في إقليم شينج يانغ"، وثيقة رقم: ASA 17/50/92، بشأن الأعداد الكبيرة من القوات التي أرسلت إلى المنطقة لإخماد مظاهرات الاحتجاج.

14 رويترز، بكين، 28 أبريل 1997.

15 بدأت السلطات منذ 1997، حملة "تعليم الإلحاد" لتطهير الأجهزة المحلية التابعة للحزب الشيوعي الصيني من المتدينين. وكانت النتيجة، حرمان عدد كبير المسلمين من عضويتهم في الحزب ومن مناصبهم. والصلاة ممنوعة أيضاً على المسلمين الذين يعملون في مكاتب الحكومة أو في المعاهد الرسمية، ويضطر الكثيرون منهم إلى إخفاء إيمانهم إذا ما كانوا يحرصون على وظائفهم.

16 كان المحققون يحاولون على ما يبدو إرغام أبي القاسم على الاعتراف بضلوعه في أنشطة الإرهاب والتخريب  التي تختلف تماماً عن الأنشطة السياسة السلمية المعارضة. إذ لا يعتبر الإرهاب و"التخريب" جرائم سياسية في الصين، كما أن السلطات لا تعترف بصفة عامة بوجود جرائم سياسية في نصوص القانون.