هل يتعظ حكام اسرائيل

في اعقاب توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979 عانق مناحيم بيجن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق الرئيس أنور السادات رحمه الله وعلى وجهه ابتسامة تطفح بالبشر والأمل.. هذا الثعلب الماكر قد أمن حدوده الجنوبية حتى يصفو له الجو ليبطش بلبنان عام 1982م .. ظن البطل انه يستطيع ان يلعب الدور او ان ينتزع النصر خلال ايام معدودة حتى يدخل التاريخ من اوسع ابوابه.. ولم تستطع جحافله براً وجواً وبحراً ان تفرض السلام بقوة السلاح .. لقد غاب عنه ان الاحلام والاماني لا تكتمل لأحد ولو اكتملت لما هزم نابليون بونابرت أو أدولف هتلر. لقد هوى بيجن كما هوى من قبله كل مغرور جبار ، وهاهو اليوم يجلس وحيدا في بيته يندب حظه العاثر بعد ان اعتزل السياسة والحياة الاجتماعية.. ولئن كان النصرحليف اسرائيل عام 1948 و 1967 بغض النظر عن حرب عام 1956 لأنها كانت تمثل دور مخلب القط.. فأن حرب عام 1973 وعام 1982م كانتا نذير شؤم لاسرائيل .. فلقد انهت حرب اكتوبر اسطورة الدفاع جيش الدفاع الاسرائيلي الذي لايقهر وحطم المصريون أعظم قلاع التاريخ المعروف بخط بارليف الممتد من مدينة السويس حتى مدينة بورسعيد الذي يبلغ طوله 180كيلومتر والذي تكلف إنشاؤه اكثر من الف مليون دولار.

لكن زعماء اسرائيل لم يتعظوا بما حاق بهم ولم يتعظوا بما حاق بقبلهم من الامبراطوريات واستمروا يمارسون سياسة القمع أو سياسة العصا الغليظة .. صحيح ان اسرائيل كسبت رقعة من الأرض .. وأقامت دولة على أنقاض دولة الشعب الفلسطيني الا ان هناك حلما قديماً يراود أويداعب خيالها .. هذا الحلم او الوهم ان تمتد مملكة اسرائيل من النيل الى الفرات .. وأغلب الظن ان اطماعهم لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه الى العالم أجمع لأنهم شعب الله المختار حسبما يدعون.

ولئي افترضنا جدلا ان اسرائيل حققت حلم ما بين النهرين فهل تستطيع ترسيخ الأساس الصلب المتين لهذه الدولة حتى لا تتعرض للانهياراذا ما اجتاحها اعصار شديد قد يدمر كل شيء أو قد يقتلع جذورها..

ان حقائق التاريخ لا تتبدل ولا تتغير فالأحلام أو الأوهام أو الأماني كما اسلفت لا تكتمل جميعاً لأحد ولو اكتملت لما كانت هناك حياة.

لقد انهار من قبل قياصرة الرومان وملوك كسرى وفارس وجنكيز خان.. كما انهار جلادو اليهود النازيين على مشارف مدينة موسكو والعلمين بعد ان حققوا النصر تلو النصر في أوروبا .. فهل يتعظ حكام اسرائيل.

 

نزار الرملي – جدة