تغيير السنّة النبوية

 

1 - بدعة صلاة التراويح : 

  لم تكن صلاة التراويح على عهد رسول الله (ص) ، بل إن الرسول (ص) نهى عنها في أول صوم رمضان فرض على المسلمين ، فعندما صلى الرسول (ص)  النوافل في المسجد وبعد الانتهاء وجد أن الصحابة يصلون بصلاته أي جماعة فالتفت إليهم ونهاهم ثم لم يخرج في اليوم التالي ليصلي النوافل بالمسجد خشية تكرار قيام الصحابة بالصلاة جماعة خلفه ، فصلى النوافل بالبيت . وفي اليوم التالي جاء إليه بعض الصحابة ينادونه ليصلي معهم بالمسجد فخرج النبي (ص) إليهم ونهاهم وقال لهم  خصوا لبيوتكم صلوات فإن البيوت التي تُصلى فيها تتراءى لأهل السماوات كما تتراءى النجوم لأهل الأرض ، فذهبوا يصلون في بيوتهم ومن كان يصلي في المسجد كان يقوم بها منفرداً . وأستمر ذلك في عهد أبي بكر وفي مرحلة من خلافة عمر حتى عام ثلاثة عشرة للهجرة جمع عمر بن الخطاب المصلين وصفهم وصلوا  صلاة التراويح جماعة فقال : يالها من بدعة حسنة ، معترفا بأنها بدعة !!! ( انظر تاريخ المدينة المنورة ج2 ص713 ). ويروي اليعقوبي في تاريخه ج2 ص1400 أنه في السنة الثالثة عشر للهجرة أمر عمر بن الخطاب أُبي بن كعب وتميم الدارمي بأن يصلوا التراويح في رمضان  فرفضوا وقالوا إن رسول الله لم يفعله . فقال عمر : إن تكن بدعةً فما أحسنها من بدعة !! ومن المعروف إن النبي (ص) قال " كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " لكن عمر رأى أنها بدعةٍ حسنة ! ولم يأبه عمر لقول أبي وتميم الدارمي وحتى القرآن الكريم " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (7 الحشر). ولازال الكثير من المسلمين يعملون بهذه البدعة إلى يومنا هذا وهم يعتقدون إنها سنّه نبوية !!

 

2 - التغيير في توزيع المال :

  كان الرسول (ص) يوزع المال بالتساوي بين المسلمين عدا المؤلفة قلوبهم لهم سهم أقل ، لكن عمر بن الخطاب لم يستحسن ذلك فألغى نظام التوزيع الرباني وعطل آية من القرآن وقام بالتوزيع وفق نظام جديد حيث كان يعطي البدريين خمسة آلاف درهم والأنصار أربعة آلاف درهم وهكذا قسّم المسلمين فجعل مهاجرين وقريش وعرب حتى تداخلت المؤلفة قلوبهم ضمن فئات أخرى بعضهم يأخذ سهماً أكثر من حقه كأبي سفيان ومعاوية ( انظر تاريخ أصبهان ج2 ص290 ). يقول خالد محمد خالد في كتابه الديمقراطية أبداً ص155  : لقد ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسنة …… يأتي عمر فيقول : إنا لا نعطي على الإسلام شيئاً ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ! ويروي مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب أبى أن يُوَّرِث أحداً من الأعاجم إلا أحداً وُلد في العرب !!

 

3 - إلغاء عمرة التمتع وفصلها عن الحج :

  حاول عمر منع عمرة التمتع في أشهر الحج على نمط ما كان عليه العرب في الجاهلية حيث كان في الجاهلية يعتبرون العمرة في أشهر الحج من كبائر الفجور ! ولما جاء الإسلام أجاز عمرة التمتع إلا أن عمر بن الخطاب نهى عنها أثناء خلافته .

 رفض الإمام علي أن يلتزم بأوامر عمر الذي حرم متعة الحج فكان يقول ما كنت لأدع سنة النبي (ص) لقول أحد ( صحيح البخاري كتاب الحج باب التمتع ، البيهقي ج4 ص352 ، سنن النسائي باب القرآن ج5 ص148).

 

4 - إلغاء زواج المتعة :

  روى البخاري عن عمران بن حصين أنه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله (ص) ولم ينزل قرآن يحرمه حتى مات ( البخاري ج5 ص158 ). روى البخاري عن أبي حمزة قال : سمعت ابن عباس سئل عن متعة النسا فرخَّص فقال له مولىً له إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلَّة فقال ابن عباس نعم ( البخاري كتاب النكاح حديث 5116 ). روى مسلم عن شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة قال كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن زبير ينهى عنها قال فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله (ص) فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء وأن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله  وأبتوا  نكاح هذه النساء فلن أوتي برجل نكح امرأةً إلى أجل إلا رجمته بالحجارة ( صحيح مسلم كتاب الحج حديث 2494 ) . قال ابن عباس يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمةً من الله رحم بها أُمة محمد ولولا نـهيه (أي عمر) عنهما ما احتاج إلى الزنا إلا شقي ( الدر المنثور ج2 ص41 ). ويروي السيوطي إن علي قال  : لولا عمر نـهى عن المتعة ما زنا إلا شقي ( الدر المنثور ج2 ص43 ) . ويقول ابن حزم الأندلسي في كتابه المحلى ج9 ص519 ، ص520  : كانت المتعة موجودة في حياة الرسول (ص) وحياة أبي بكر ومرحلة كبيرة من خلافة عمر حيث فرض عليها عدلان يشهدان . ويقول الشوكاني في نيل الأوطار ج6 ص133 : عمل بالمتعة الكثير من التابعين وفقهاء مكة . وتوجد الكثير من الروايات تفيد أنه كان زواج المتعة حلالاً في زمن رسول الله (ص) وفي عهد أبو بكر لكن عمر بن الخطاب منع هذا النوع من الزواج خلافاً لسنة رسول الله (ص) ( انظر صحيح الترمذي ج2 ص159 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص137 ومسند أحمد بن حنبل ج1 ص52 وسنن ابن ماجه ج1 ص4 وسنن النسائي ج5 ص153 ).

 

5 - أجاز الطلاق الثلاثة مرة واحدة :

أخرج مسلم في صحيحه بالسند عن ابن عباس أنه كان الطلاق في عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر كان الطلاق واحدة ، فقال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضينا  فأمضاه ( صحيح مسلم ج4 ص183 وكذلك سنن أبي داود ج1 ص344 ) فجعل الطلاق الثلاثة جائزاً مرةً واحدة !  وذكر الشوكاني في كتابه نيل الأوطار أن رسول الله (ص) أُخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات مرة واحدة فقام (ص) غضبان ثم قال : أيُلعب في كتاب الله وأنا بين أظهركم ( نيل الأوطار ج4 ص226 ) . ويقول محمد الغزالي في كتابه حقوق الإنسان ص172 أن الطلاق الثلاث مرةً واحدة بدعة لأنه من اجتهاد عمر وليس من الكتاب والسنة لأن الرسول (ص) غضب عليه . فلماذا يلتزم الناس باجتهاد عمر ويتركوا الكتاب والسنة ؟‍‍!! ومما أجاز عمر بن الخطاب أيضا طلاق السكران ! ( انظر كنز العمال ج9 ص667 ) ومنع تزوج النساء ذوات الأحساب إلا من الأكفاء ! ( نفس المصدر السابق ) .

 

6 - ألغى ( حي على خير العمل ) من الأذان :

  كان الأذان على عهد رسول الله (ص) وعهد أبي بكر وفترة من عهد عمر أربعة تكبيرات ( الله أكبر ) ثم مرتين ( أشهد أن لا إله إلا الله ) ثم مرتين ( أشهد أن محمداً رسول الله ) ثم مرتين ( حي على الصلاة ) ثم مرتين ( حي على الفلاح ) ثم مرتين ( حي على خير العمل ) ثم تكبيرتين ( الله أكبر ) ثم مرة (لا إله إلا الله) ، لكن عمر بن الخطاب ألغى ( حي على خير العمل ) وادعى أن الجهاد في سبيل الله هو خير العمل . ثم بعد ذلك أضاف عمر في أذان الفجر مرتين ( الصلاة خير من النوم ) ( انظر مصابيح السنة للبغوي ج1 ص37 ) . فأصبح الجهاد أفضل من الصلاة وأصبحت الصلاة أفضل من النوم ! فالصلاة التي هي عمود الدين أصبحت عند عمر فقط أفضل من النوم ! قال الشوكاني : وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله (ص) يؤذن بها ولم تطرح إلا في زمان عمر ( نيل الأوطار ج2 ص32 ). يروي الإمام أحمد بن يحيى وهو من علماء الأزهر الشريف أن عمر بن الخطاب قال : ثلاثة كن على عهد رسول الله (ص) أنا أحرمهن وأنهى عنهن متعة الحج ، متعة النكاح ، وحي على خير العمل ( انظر كتاب البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ص192 مطبعة السعادة بمصر ) . ويروي ابن حزم الأندلسي في كتابه المحلى ج3 ص160 أن ابن عمر كان يؤذن حي على خير العمل !

 
7 - نقل مقام إبراهيم (ع) :

  كان مقام إبراهيم (ع) قبل فتح مكة كما هو الآن في هذه الساعة ‍! وعندما فتح رسول الله (ص) مكة كسَّر الأصنام وأرجع مقام إبراهيم (ع) ملاصقاً للبيت كما كان على عهد إبراهيم (ع) وأستمر المقام في زمن رسول الله (ص) وأبي بكر ملاصقاً بالبيت لكن عمر أبعد المقام عن البيت وأرجعه إلى ما كان عليه في عهد قريش إرضاء لهم ! وكما هو عليه الآن ( انظر حياة الحيوان الكبرى للدميري ج1 ص51 وطبقات ابن سعد ج3 ص205 ).

 

8 - التغيير في صلاة الجنازة :

  كانت صلاة الجنازة في عهد رسول الله (ص) وعهد أبي بكر خمسة تكبيرات وقد جعلها عمر أربعة بدل من الخمسة ! ( انظر تاريخ الخلفاء ص137 وشرح معاني الآثار ج1 ص499 ).

 

 إن عمر بن الخطاب الذي قام بتحريف السنة النبوية الشريفة عن مسارها كان يريد أن يضيف إلى القرآن الكريم أيضاً ! لكنه لم يستطع لعدم مقدرته على إيجاد شخصين يؤيدانه ! يروي البخاري أن عمر بن الخطاب كان يرى أن آية ناقصة في القرآن فقال : لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله ( إلى أن يقول ) فإنا قد قرأناها " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " ! ( البخاري رجم الحبلى ج8 ص208 ). وكذلك يروي السيوطي في الدر المنثور ج1 ص106 أن عمر قال : إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله " أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم " . وقال عمر لابن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا " أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة " فإنا لا نجدها قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن ! ( انظرا الدر المنثور ج1 ص106 ) ، وقد زعم عمر أن قول الرسول (ص) " الولد للفراش وللعاهر الحجر " أنها آية قرآنية ! ( انظر الدر المنثور ج1 ص106 ) . وزعم عمر أن الآية القرآنية " أنا خلقناكم من ذكر وأنثى " (13 الحجرات)  هي مكية وهي للعرب خاصة !! ( انظر الدر المنثور ج6 ص98 ).

 

  لقد أجرى عمر بن الخطاب تغييرات على السنة النبوية الشريفة بما كان يستحسنه ، وكان يعترف بذلك فكان يقول : يا أيها الناس إنا لا ندري لعلنا نحِّلُ أشياءً لا تُحل لكم ولعلنا نحرم عليكم أشياءً هي لكم حلال !! ( سنن الدارمي ج1 ص51 ). وكان عمر يحرص على فرض ما أستحسنه من التغيير في السنّة ، ويشدد الرقابة على تطبيقها ولما كانت خلافته استمرت لفترة طويلة من الزمن فقد بقيت تلك التغييرات كما هي واستمرت إلى يومنا هذا دون أن يدرك الكثير من المسلمين أنها سنّة عمر وليست سنة رسول الله (ص) بل هو الضلال والبدعة بعينها . قال الصحابي سعيد بن عامر ابتليت بالدنيا وقد كنت صحبت رسول الله (ص) فلم أُبتلى بها وصحبت أبا أبكر فلم أُبتلى بها وابتليت بها في صحبة عمر ألا فشَّر أيامي أيام عمر . ( الفتوحات الإسلامية ج2 ص418 )

 

  إن عمر بن الخطاب الذي تلاعب بالسنة النبوية الشريفة كان قد هيأ الأجواء لتلك التغييرات فقد كان كلما يعين والياً كان يقول له : قلل الرواية عن محمد وأنا شريككم ! ( انظر تاريخ الطبري ج3 ص273 ) ، وكان يكتب في الأمصار من كان عنده شيء كتبه من السنة فليمحه ! ( انظر طبقات ابن سعد ج1 ص3 ، مسند أحمد بن حنبل ج3 ص12،13،14 ) ، وللقضاء على ما يتعارض مع التغييرات طلب عمر من الصحابة أن يجمعوا له الأحاديث فجاء كل منهم ما يملك فأحرقها بالنار ! ( انظر كتاب تقيد العلم للخطيب البغدادي ) وقد هدد عمر بن الخطاب كل من يروي الحديث منهم أبا هريرة فقال له لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض دوس ! ( انظر كنـز العمال ج5 ص239 )  . لم يكتفي عمر بن الخطاب بما فعل بالسنة المحمدية الشريفة ، بل كان يتصرف وكأنه يخطط للقضاء على السنة النبوية الشريفة ، فإلى جانب تغييره للسنّة ومنع الصحابة من الاحتفاظ بالأحاديث الشريفة وطلب محوها وكذلك إصدار أوامره للولاة بعدم التطرق للأحاديث الشريفة ، كان عمر يخطط في جانب آخر لطمس معالم السنّة النبوية الشريفة . فقد كان يترك المجال للدخلاء من اليهود والنصارى لنشر أفكارهم وفلسفتهم ! يقول الشيخ محمود أبو رية : أنه لما قدم كعب إلى المدينة في عهد عمر وأظهر إسلامه أخذ يعمل بدهاء ومكر لما أسلم من أجله من إفساد الدين وافتراء الكذب على النبي ! وقال ابن كثير : لما أسلم كعب في الدولة العمرية جعل يحدث عمر فربما استمع له عمر فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده من غث وسمين !! ( أضواء على السنة المحمدية ص152،153 ) . ولم يكتفي بذلك عمر بل كان يضع حاجزاً أمام الناس لعدم معرفة السنّة الحقيقية من التي أضاف لها أو حذف منها . فقد كان يختار الولاة ممن لم يصاحب النبي إلا في أواخر حياته الشريفة  ليقلوا الرواية عن الرسول (ص) خاصةً من بني أمية الذين أسلموا قبيل وفاة النبي (ص) أمثال معاوية بن أبي سفيان الذي تركه عمر بن الخطاب والياً على الشام دون حسيبٍ أو رقيب فقد كان يقول عنه أنه كسرى العرب ! ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج ج3 ص115 في رواية زبير بن بكار عن المغيرة بن شعبة أنه قال : قال لي عمر يوماً : يا مغيرة هل أبصرت بـهذه عينك العوراء منذ أُصيبت . قلت لا . قال : أما والله ليعوَّرن بنو أمية الإسلام كما أعورت عينك هذه ثم ليعميّنه حتى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء !! فعمر بن الخطاب كان يعلم ماذا سيجري على الإسلام من بني أمية ومع ذلك ترك معاوية يفعل ما يشاء في الشام ويقول عنه أنه كسرى العرب !

  لقد كانت ثورة عُمرية ضد السنة المحمدية الشريفة ،  فتغيرت السنّة النبوية بتخطيط وإصرار . لقد كانت جريمة منظمة لتحريف السنّة أسوة بما فعل اليهود والنصارى بعد رحيل أنبيائهم . فعمر الذي منع رسول الله (ص) في رزية يوم الخميس من أن يكتب  كتاب لن يضل المسلمون بعده ، وقال إن النبي يهجر أي يهذي أي فقد عقله والعياذ بالله ، وضع دعائم الضلال وحاول مسح أركان الهداية وفسح للمتلاعبين بالدين ليصولوا ويجولوا . والنتيجة الانقسام وضلال أغلبية المسلمين في حين أنهم يعتقدون أنهم يتبعون سنة رسول الله (ص) .

" ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل الله ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون " (81 المائدة) ، وسيدركون الحقيقة يوم القيامة حينها سيقولون  " ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " (29 فصلت).

  إن عمر بن الخطاب يتحمل المسئولية أيضا لما فعله بنو أمية بعد ذلك من انقلاب على السنة المحمدية الشريفة وتعطيل النصوص القرآنية ، حيث جعلوا الإسلام كما توقع عمر ، أعمى لا يدري أين يذهب وأين يجيء . ونظرا لكون خلافة عمر استمرت فترة طويلة ،  كان لتلك الفترة الأثر الكبير في إرساء دعائم بني أمية في الشام . فقد تمكن معاوية بن أبي سفيان أن يشكل دولة داخل دولة حيث كان والياً على الشام طوال فترة خلافة عمر التي بلغت أكثر من عقد من الزمان وازداد قوة في خلافة أبن عمه عثمان ، فتمكن معاوية من إيجاد قاعدة شعبية في الشام يوالونه أكثر من عمر وعثمان ! وكان معاوية يتظاهر بحبه لعمر ويعظمه . ولما لا فقد كانت حرب مشركي قريش ضد المسلمين في من أجل بقاء قيادة العرب لبني أمية بقيادة أبي سفيان ، ولما خسروا الحرب هاهو عمر يمهد لعودة المجد والقيادة لهم مرة أخرى وليجعل الإسلام والمسلمين تحت رحمتهم . وما عسى يفعل أعداء الإسلام بالأمس غير الانتقام منه ليصبح أعمى ليس يدري أين يذهب أو أين يجيء . وصدق النبي (ص) إذ قال " إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة " ( البخاري كتاب الأحكام ج9 ص79 ).

 

  لقد قال رسول الله (ص) " لتتبعن سنن من كان قبلكم كحذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب  دخلتم قال الصحابة : اليهود والنصارى قال النبي (ص) : فمن " ، دليل على إن رسول الله (ص) كان عالماً أن سنته الشريفة سيقوم بعض أصحابه بتغييره ، فقد أخبرهم أنهم سيكونون مثل اليهود والنصارى الذين حرفوا دينهم بعد رحيل أنبيائهم . ولعل الصورة التي رسمها النبي في التشابه مع اليهود والنصارى دليل على تشابه تام لدرجة أنه قال لهم " لو دخلوا جحر ضب دخلتم " أي تشابه في كل أفعالهم ، ويبدو أن هذا الحديث قاله الرسول الكريم بعد أن جاء عمر بنسخة من كتب اليهود وأراد ليأخذ المسلمين منها ليزدادوا علماً ! حينها غضب النبي (ص) منه ونـهاه . لكن عمر بن الخطاب الخليفة لم يجرأ أحد أن ينهيه لشدته وغلظته فمن السهل عليه تنفيذ رغباته .

  إن عمر بن الخطاب في بداية خلافته لم يكن يتدخل بشيء ذو صلة بالفقه بل كان يريد ضرب من يتحدث بشيء عن رسول الله (ص) حتى يحضر شاهدين أنهما سمعا بذلك . فقد كان عمر يجهل الكثير ولذلك لم يكن صاحب فتوى ، لكنه قام بعد ذلك بفرض سنن جديدة لم تكن على عهد رسول الله (ص) بل أنه فرض على المسلمين أمور تخالف كتاب الله وسنّة رسوله (ص) كالطلاق الثلاثة مرة واحدة و وإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم ونكاح المتعة وغيرها ، كما أنه بدل بعض سنن رسول الله بأمور استحسنها هو كصلاة التراويح وغيرها ، وبذلك فإن المنهج الإسلامي أصبح خليطاً من كتاب الله وسنّة رسوله (ص) وسنة عمر بن الخطاب ! ولإضفاء الشرعية على ذلك اخترعوا حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء بعدي وتناسوا أن الرسول (ص) حذر المسلمين من ذلك حيث قال " سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة ويعملون بالبدعة " ( سنن ابن ماجة ج2ص142 وسلسلة الأحاديث الصحيحة ج2 ص139 ) . وقال (ص) " لتتبعن سنن من كان قبلكم أي اليهود والنصارى كحذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب دخلتم " . فمن من أصحابه يستطيع أن يحرّف سنّته غير أن يكون الخليفة المسيطر على الأمور ؟! قد يتساءل البعض كيف يمكن لعمر أن يتلاعب بالسنة دون أن يتدخل الصحابة ؟ وللحقيقة فإن عمر بن الخطاب تفرد بالرأي واستخدم العنف حتى ضد الصحابة وكان لا يتهاون بضرب البعض منهم بالدرة والتهديد للآخرين بضرب أعناقهم لأقل تـهمة . وكان كل من يحدث بحديث يضربه عمر إذا لم يحضر من يشهد له بـها ، مما أدخل الخوف في نفوسهم فخافوا من عدم شهادة الآخرين له بسبب النسيان فيكون المصير الضرب ! فما كان منهم إلا أن يتركوا الحبل على الغارب لعمر خوفاً من بطشه إذا اعترضوا عليه إلا ما ندر . ومع ذلك قال عمر يوماً : إني أخاف أن أقع في المنكر فلا ينهاني أحداً منكم تعظيماً لي!! وللحقيقة فقد وقع وأبدع ولم ينهاه أحد خوفاً منه أو ليجعله يتحمل وزر أخطائه بسبب قسوته . يروي البخاري ج8 ص148 ـ151 أن الرسول (ص) قال " ليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول يا رب أصحابي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " . فمن يقدر من الصحابة أن يحدث في الدين غير أن يكون الخليفة ؟ ومن عساه غير عمر بن الخطاب ؟!

  إن أقل ما يمكن أن يُطلق على ما فعله عمر بن الخطاب من تغييرات في الدين والسنة أنه دمج الإسلام ببعض العادات في الجاهلية للتقريب العرب ذوي الميول الإيمانية وذوي الميول الجاهلية ممن ظهر الإسلام وبطن الكفر والجهل . فقد ألغى عمرة التمتع لأنها كانت في الجاهلية من الموبقات ! وأرجع مقام إبراهيم على ما كان عليه في الجاهلية ، كما أن عمر لم يترك شرب النبيذ فأخذ يشربه كما كان في الجاهلية ولولا الآية الصريحة الواضحة في القرآن الكريم بتحريم الخمر لدأب الناس على شربه اعتقاداً أن شربه سنَّة لأن عمر كان يشربه !! 

 

الصفحة الرئيسية