رد علي رسالة

 

وصتنا عدة ردود على رسالتنا الخاصة "بسر الافخارستيا والتعليم الجديد في الكنيسة القبطية" منها المؤيد ومنها المعارض. ضمن ذلك وصلنا هذا التعقيب من أحد الأخوة.  وحتى نغطي كل الاستفسارات رأينا أن نصدر هذا الرد  لتوضيح الأمور لكل من يبحث عن الحقيقة بأمانة. إننا نحاول بقدر الإمكان الرد علي الرسائل (المعارضة) التي تناقش المشكلة من الناحية العقائدية بشكل موضوعي حتى نحقق رسالتنا. أما الرسائل المعارضة والتي لا تناقش الفكر اللاهوتي المعروض نحن لا نجد أي مبرر للرد عليها.    

نطلب من كل من تصله هذه الرسالة أن يقدم الصلاة حتى يرفع الله عن الكنيسة هذه الغُمة وليمنع الكارثة المحدقة بنا. فلنرفع القدَّاسات ولنطلب بدموع من أجل سلام الكنيسة ونجاتها من هذه الضربة الشيطانية الرهيبة التي تجتازها في ظروف عصيبة.    

 

 

 

رسالة وصلتنا من أحد الأخوة

 

 

I received your last email replying to the Bishop. I think you took the other extreme to prove your point, and to attack the pope.

 

1) It is foolish from the beginning to think if we eat the divinity and humanity or the humanity only, why?

 

Because in a very simple way, as we all know, the divinity is united with the humanity of Christ, and no way to get separated even for a fraction of seconds, why? Take that example: if you bring a glass of full of water and you put inside it one fava been, the water will be surrounding the been, if you divide this fava been into two halves and separate them inside the cup, still the water surrounding each half. The same, on the cross, Christ died and His soul (as indication for His life on Earth) departed from His Body (Died), but still His Divinity did not leave either His Body nor His Soul, because the Spirit (Water) is filling everywhere. That is why when He went to Hades His Divinity was there with His Soul and in the Tomb His divinity was there with His Body

 

NOW it is the same, when you partake of His Body in the communion, the Divinity is there also, no way to separated BUT you are foolish to mention that YOU EAT HIS DIVINITY, because it is not applicable to be mentioned in this way. HE IS FILLING EVEYWHERE and UNITED WITH HIS TRUE BODY. I think should think about it this way.

 

2) It is so sad to mention as if our Pope planned to be a pope. Where is the faith that God plans this for us? If you disagree with the pope, this does not mean that he is a heretic. If he teaches us in certain way, we do not want to repeat the history of the early Orthodox Church, and now the Greek and Coptic say that it was misexpression and misunderstanding between the tow teems, this is funny. Now you and the pope will do the same, it will be misexpression, and will end with division. Stop that please.

 

One of the Coptic guyes, who loves his church more than any body else. Wake Up please.

 

 
 

الرد علي الرسالة

الرد علي النقطة الأولى:

1- سأجنبك وأتجنب النقاش الغير مفيد. فيما يلي نص تعليم نسطور عن سر الإفخارستيا، والتي تم محاكمته عليها بمجمع أفسس عام 431م. فحُرِم، وحُكِم عليه بالطرد من كرسيه كبطريرك لمدينة القسطنطينية العظمى. وقبل أن أعرض عليك النص أقدم لك المراجع حتى يمكنك الرجوع إليها لو أردت:

 

*The process of deposition as held at the First Session of the Council of Ephesus, June 22nd 431.

*Texts: Acta Concilirum Oecumeniccorum , Edited by E. Schwartz, Leipzig 1927, Vol 1, 2 Pages 45-64

*F Loofs, Nestor and His Place in the History of Christian Doctrine, Cambridge, 1914, page 227

*J MacGuckin, Saint Cyril of Alexandra and the Christological Controversy, St Vladimir’s seminary Press, 2004, Pages 367 and 376.

 

سأقدم لك أولا النص الإنجليزي من محاضر جلسات مجمع أفسس؛ الجلسة الأولى بتاريخ 22 يونية عام 431م.

   

[The priest Peter of Alexandria, senior notary, said: ‘We also have [our hands] the books of the blasphemies of the Very Reverend Nestorius. From one of them we have selected excerpts. If [holy synod] so desires we shall read them.’

Bishop Flavian of Philippi answered: ‘Let this be read and inserted the Acts.’

From: The Book of the Same Nestorius. Quaternion 4 On Dogma:

[Similarly from the same Book, Quaternion 4

Listen, then, and pay attention to the words, for scripture says: ‘He who eats my flesh’ (Jn.6.56). Remember that this is said about the flesh, and that this word ‘flesh’ is not added by me—so then I cannot be accused by them of misinterpreting. He says: ‘He who eats my flesh and drinks my blood.’ He did not say, ‘He who eats my Godhead and drinks my Godhead,’ but ‘He who eats my flesh and drinks my blood abides in me and I in him.’

And in another place:

[But to sum up, ‘He who eats my flesh and drinks my blood abides in me and I in him.’ Remember that this is said about the flesh. ‘Just as the living Father has sent me’ (Jn.6.57), me whom you see. But in case I am misinterpreting let us listen to what follows: ‘Just as the living Father has sent me’—well, my opponent says that this refers to the Godhead. I say it refers to the manhood. Let us see who is misinterpreting here. ‘Just as the living Father has sent me’— the heretic says that here it is talking about the Godhead, meaning that he has sent God the Word. So, ‘Just as the living Father has sent me, so I live (and according to them that means the divine Word) through the Father’. But after this there follows: ‘And whoever eats me shall live’ (Jn.6.58). In that case what is it we are eating? The Godhead or the flesh?]

 

ومن محاسن الصدف أن هذا النص مترجم للغة العربية مستشهدا بنفس المراجع أعلاه في كتاب " تاريخ الفكر المسيحي" للدكتور القس حنا الخضري ص 184؛ 185،  الناشر دار الثقافة بالقاهرة. وإليك النص العربي من كتاب " تاريخ الفكر المسيحي":

 

[رجع نسطوريوس إلي عدة فصول من الكتاب المقدس تتكلم عن العشاء الرباني (1كو 11: 23-29 ، مت 26: 26-30 ، لو 22: 14-23). ففي الشذرات رقم  14 ،20 يقتبس كلمات المسيح "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه" (يو 56:6) إنه يرى في هذه الآية إشارة إلي الجسد وليس إلى اللاهوت. ولذلك فهو يتساءل قائلاً: {ماذا نأكل إذن، هل نأكل اللاهوت أم الجسد؟ ولنصغ إلى ما يقوله المطوَّب بولس "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء (1كو 6:11). فإن الرسول لم يقل كلما أكلتم من هذا اللاهوت، ولكنه يقول في كل مرة نأكل من هذا الخبز. والرسول يكرر مرات عديدة بأننا نأكل الجسد وليس اللاهوت. ثم يواصل نسطوريوس قائلاً بأن المسيح نفسه يتكلم عن جسده (Sermon 3. Cite par F Loofs, pp. 227) ولست أنا الذي أضفت كلمة جسدي 8, Gugie 252-255)   Loofs).}
إن الجسد الذي يتكلم  عنه نسطوريوس هنا في العشاء الرباني هو الناسوت وليس اللاهوت. ويحاول أن يطبِّق هذه النصوص لكي يؤيد نظريته الازدواجية فالمسيح مزدوج ذو طبيعتين : لاهوت وناسوت.]   

 

من العجيب حقاً أن يستخدم قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث نفس النصوص الهرطوقية تعليقا علي نفس الآيات، وبنفس الألفاظ، والتي بسببها حُرِم نسطور في مجمع أفسس المسكوني الثالث، فيقول!!!

 

"هل نأكل ونشرب اللاهوت في الإفخارستيا؟!"

إن السيد المسيح قال "من يأكل جسدي و يشرب دمي" (يو 56:6) ولم يقل من يأكل ويشرب لاهوتي... إن الله روح (يو 24:4) والروح لا يؤكل ويشرب. (مجلة الكرازة السنة 32 العددان 25-26 6 أغسطس2004)   

ثم يرد قداسة البابا علي رسالتنا في (مجلة الكرازة السنة 32 عدد 31-32  22 أكتوبر 2004) ليكمل نص كلام نسطور الذي ورد بمحاكمته فيقول:

 [وفي تقديم الرب لهذا السر لتلاميذه قال لهم: خذوا كلوا، هذا هو جسدي خذوا اشربوا هذا هو دمي (مت 26: 26-28) (مر 14: 26-24). ولم يذكر إطلاقا "لاهوتي".       

كذلك قال القديس بولس الرسول " كأس البركة التي نباركها، أليست هي شركة دم المسيح والخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح  (1كو 10 : 15 – 16) وهكذا علَّم عن الشركة في الجسد والدم، وليس شركة في اللاهوت كما يقول المنادون بتأليه الإنسان !! حقاً إن لاهوت المسيح لم ينفصل عن ناسوته ولكن أيضاً إن اللاهوت لا يؤكل ولا يُشرب فهذه إحدى خواصه.]

 

عجيب جدا أن يستخدم البابا نفس ألفاظ نسطور بهذه الجسارة حسب ما سجلها عليه المجمع المسكوني الثالث بأفسس وبسببها تقرر حرمه وطرده من كرسيه!!!   

 

2- والمسألة لا تتوقف عند حد الهرطقات المتعلقة بسر الإفخارستيا وحدها. فالحروم الإثني عشر التي وقَّعَها القديس كيرلس علي نسطور منها إحدى عشر بندا تشجب تعاليم الأنبا شنودة الذي يستخدم نفس العبارات النسطورية في تعاليمه بمجلة الكرازة وفي كتبه ومحاضراته في الكلية الإكليريكية. وبذلك فإن الأنبا شنودة يقع تحت طائلة الحرم النسطوري ما لم يعلن توبته. أما عن تعليمه الجديد بنظرية الثلاثة أجساد فتحتاج إلي مجمع مسكوني جديد. وسنقوم في دراسة مقبلة بعرض الحرومات الإثني عشر للقديس كيرلس ومقارنتها بتعاليم البابا الخطرة التي وردت في مجلة الكرازة.

 

وكما هو واضح لكل ذي عين ترى، فإن قداسة البابا شنودة يستخدم نفس الألفاظ وبنفس المعنى الذي استخدمها نسطور البطريرك الهرطوقي. ولست أشك للحظة في دراية البابا بهذه الكتابات القديمة وقرارات مجمع أفسس المسكوني الثالث بشأنها. فكتابات البابا ليست من قبيل الصدفة أو توارد الأفكار أو الخطأ عن سهو، لكنها تحمل خطأً متعمداً، وفكرا هرطوقيا دنساُ، يتمسك به لسنين طويلة (بدأ منذ عام 1959) بالرغم من كل ما قُدِّم إليه من نصح. ولم يكتفي البابا بنشر تعاليمه الهرطوقية في الكنيسة المقدسة بل يفرضها كقانون من لا يتبعه يتهمه بالهرطقة. ويستخدم هذه النصوص الهرطوقية ليهاجم بها معلِّمي الأرثوذكسية في الكنيسة القبطية ويتهمهم بالهرطقة، وهو نفس ما فعله نسطور في كنيسة القسطنطينية. لقد صمَتنا جميعا لسنين وسنيين طويلة تقديرا للظروف والمنصب الخطير الذي يشغله، لعله يرجع إلي نفسه ويتوب، إلا أنه كان يتمادى مستغلا للموقف وللتعصب الديني في مصر، فيزداد في التعدي على حق المسيح في كل يوم. والأخطر من كل ذلك إنه يُعلِم هرطقاته في الكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية حتى ظهر جيل جديد لا يعرف الإيمان الأرثوذكسي. حتى أن بعض من الأساقفة لم يتعلموا ما هو الإيمان المستقيم وما هو حق الإنجيل. إن الكلية الإكليريكية لا تسمح بتخرج أي واحد إلا إذا شجب الإيمان الأرثوذكسي وأقر بإيمان نسطور الهرطوقي الذي هو الأساس للفكر الإسلامي.

 

وبهذا فإن قداسة البابا شنودة الثالث يقع تحت طائلة الحرم حسب قرار مجمع أفسس المسكوني الثالث. ويلزم أن يقدم توبة علنية عن هذه الهرطقات التي أجمعت كل الكنائس التقليدية -الأرثوذكسية والكاثوليكية- على شجبها.

3. رسالتك تحمل تعليما أرثوذكسياً سليماً مخالفا تماما لتعليم قداسة البابا، الذي يرفض شركة اللاهوت في سر الإفخارستيا فيقول تهكما، "كذلك فالذي يأكل من الطبيعة الإلهية وتثبت فيه فهو يخرج من التناول إلها يسجد له الذين في الكنيسة". فما تؤمن أنت به يعتبره البابا هرطقة.  فهو يرفض تماما شركة الروح القدس وحلول الروح القدس ويعتبر أن من يحل عليه الروح القدس هو المسيح وحده، بينما المسيح ليس في حاجة لحلول الروح القدس عليه لأنه روحه الذاتي الواحد معه في الجوهر (من فضلك حاول أن تقرأ بدقة تعاليم البابا شنودة  في مجلة الكرازة وفي كتبه عن اللاهوت المقارن وكذلك حاول أن تقرأ ردنا عليه بأكثر دقة لتفهم الفروق اللاهوتية ولتكتشف بنفسك الخداع المراوغ في تعاليم البابا، وكيف يخفي بمهارة فكره النسطوري المتطرف، بل فكره الغنوسي الذي يعتبر أساسا لمفهوم الإسلام. فالله أكبر، الله متعالياً منفصلا عن البشر لا يحل فيهم وليس هو أب.  يعتبر الأنبا شنودة أن كل الكلام عن الشركة مع الله وحلول الروح القدس فينا وأبوة الله كلاما مجازيا فلا يجوز أن يحل اللاهوت في البشر.

4- هناك مع الأسف في خطابك عبارتين يلزم مناقشتهما لاهوتيا:

العبارة الأولي:

Because in a very simple way, as we all know, the divinity is united with the humanity of Christ,

السيد المسيح ليس نتاج اتحاد لاهوت مع ناسوت كما يقول نسطور (والبابا شنودة) لكن السيد المسيح هو، "الله ظهر في الجسد"، "والكلمة صار جسدا وحل بيننا". وهناك فارق كبير جداً بين التعبيرين شرحه القديس كيرلس بكل تفصيل في كتاباته ضد نسطور. التعبير الأول بموجبه يقول نسطور أن المسيح لم يولد إله ولكن حل عليه الروح القدس في المعمودية. وكذلك لم يصلب وهو الله الذي لا يموت ففارقه الروح القدس ساعة الصليب ليموت كإنسان وهذا مهد للتعليم الإسلامي. لذلك تعلمنا الكنيسة أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. (من فضلك راجع كتابات القديس كيرلس وهي متوفرة بالعربي والإنجليزي).

العبارة الثانية:

عبارات خطابك التالية تحمل فهما لاهوتيا صحيحا للسيد المسيح ولكنك تختم حديثك بعبارة مفاجأة تتعارض مع كل ما قلته في الأول حتى تجامل تعليم قداسة البابا فتقول "you are foolish to mention that YOU EAT HIS DIVINITY" وهي نفس عبارة نسطور التي عرضناها في أعلى هذه الرسالة وبسببها حرم من الكنيسة. مرحبا بك في المدرسة النسطورية! فبالرغم من أن  حديثك أرثوذكسي الإيمان ويختلف تماما مع الفكر النسطوري، لكنك فجأة تعارض كل ما قلته لتردد نفس نص نسطور الهرطوقي. واضح أنك لا تقصد المعني النسطوري الذي يقصده قداسة البابا. فأنت تردد عبارة هرطقية لمجرد أن البابا قالها حتى لو كان إيمانك يخالف ذلك. أليس في هذا خطر مُخيف علي مستقبل الإيمان في كنيستنا القبطية؟!!! لهذا قررنا أن نتكلم ولا نسكت، ليس لمجرد معارضة البابا كما تزعم في مقدمة رسالتك. فأهدافنا هي أن نُعرِّف الناس بالحقائق اللاهوتية التي نسيناها وتتجاهلها الإدارة الكنسية. فرسالتنا واضحة كما عرضناها في خطابنا الأول وهي كما يلي:

 

"لقد تسلَّم جيلنا إيمان الكنيسة الواحدة سليما مغموسا بدم الشهداء. وعليه أن يسلم نفس الإيمان المستقيم لجيل جديد، محفوظاً من كل عبث بأي ثمن." 

 

الرد علي النقطة الثانية :

من المحزن حقا أنه قد تسلل إلي الثقافة القبطية في هذا الزمان الكثير من العقائد الإسلامية. ومن هذه العقائد الإيمان بالقدرية والمكتوب. ونحن نخفي هذا الإيمان المريض تحت مسميات لامعة تبدو أنها مسيحية، فنقول مثلاً الإيمان بخطة الله للكنيسة... الخ. ونضع مثل هذه المقولات حتى نخفي وراءها الحقيقة المرة وخطيتنا والفساد الذي لا نجد في مقدورنا الشجاعة الكافية لمواجهته أو الصدق مع النفس حتى نقول عن الخطأ أنه خطأ. وشجَّع على ذلك الإرهاب الكنسي في هذا الزمان، فلا يستطيع أحد أن يتحدث اليوم عن القوانين الكنسية التي داسها البابا شنودة بقدميه مستهينا بالنتائج الخطيرة، حتى يبلغ للكرسي البابوي. كما لا يستطيع أحد أن يذكر قصة الصراع المرير على الكرسي البابوي والفضائح التي ضيَّعت جهود الكنيسة وأفسدت الثمار اللذيذة التي كنا نتوقعها من غروس البر التي زرعها القديسون الحقيقيون، والجنود المجهولون في ثلاثينيات وأربعينات وخمسينات القرن العشرين خاصة العمل العملاق الذي قام به المتنيح حبيب جرجس. وقبل أن نتحدث عن أحداث التاريخ المغمورة يلزم أن نتحدث أولاً عن المبادئ المهدرة:

 

الله هو صانع الخيرات وهذه هي صفته الدائمة، فالله لا يصنع الشر ولا يريده، "لأن هذه هي إرادة الله قداستكم" (1تس 3:4) "لا يقل أحد إذا جرب إني أجرب من قبل الله لأن الله غير مجرَّب بالشرور وهو لا يجرب أحدا، ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته" (يع 1: 13-14). ويقول القديس يوحنا، "أيها الأولاد لا يضلكم أحد من يفعل البر فهو بار كما أن ذاك بار من يفعل الخطية فهو من إبليس لأن إبليس من البدء يخطئ لأجل هذا أظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس" (1يو 3: 7-8).

من المؤكد أن الله يريد للكنيسة الخير ولكن عندما نرى الشر في داخل الكنيسة مروِّعا، والقانون الكنسي مكسوراً، والحقوق مهدرة، والتعليم ملوث بكل أنواع الهرطقات، فلا ينبغي أن ندَّعي أنها خطة الله للكنيسة فننسب لله شرورنا (هذه خطية). فليكن عندنا الشجاعة الكافية لنقول أنها شرور الناس، وليس قدرا مكتوبا أو خطة الله نحو الكنيسة. فلا ينبغي أن نبرر الشر كما فعل نبي الإسلام، "ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما الجاعلين المر حلوا والحلو مرا" (إش 20:5). ألم تسمع بهذه الآية؟ "ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم (مر 5:6). فالله لا يقدر، مع أنه يريد الخير للجميع، لكنه لا يقدر أن يقدم لنا الخير إن لم تكن إرادتنا توافق إرادته. عندما أخطأ بطرس وبخه السيد المسيح قائلا، "اذهب عني يا شيطان فأنت معثرة لي".  بل عندما أخطأ القديس بطرس الرسول وهو في أوج مجد خدمته الرسولية، وبخه القديس بولس وقاومه علانية، "ولكن لما أتى بطرس إلى إنطاكية قاومته مواجهة لأنه كان ملوما". ألم يكتب هدا الكلام لنا لتعليمنا ألا نجامل الخطأ على حساب الحق؟!!!. لماذا يتقاعس هذا الجيل عن معرفة الحق؟!! بل لماذا يخاف جيل الأقباط المعاصر من الحق؟!!

هل وصول نسطور إلي كرسي البطريرك بمساعدة الإمبراطور، ضد رغبة الشعب، كان ضمن خطة الله للكنيسة أم هو ضمن التدبير الشرير للإنسان بعمل إبليس. ولقد أدى ذلك إلى هرطقة نسطور وطرده من كرسيه. كان أبوليناريوس الهرطوقي بطريركا للقسطنطينية هل كان ذلك ضمن خطة الله للكنيسة. ألم تختم كل هذه الصراعات الشيطانية بالإسلام؟ فتحولت مدينة القسطنطينية عاصمة الدولة الرومانية الشرقية أكبر معاقل العمل المسيحي إلي مركز للخلافة العثمانية. هل ننسب كل هذه الشرور لخطة الله؟!! لقد كانت دول شمال أفريقيا كلها مسيحية وظهر منها عمالقة الفكر المسيحي؛ أغسطينوس وكبريانوس وترتليانوس، لقد صارت كلها دولا إسلامية متخلفة مقفرة من كل فكر. هل كان ذلك ضمن خطة الله للكنيسة التي يتشدق بها شرذمة جاهلة من الأقباط في هذه الأيام المقفرة؟ إني أسمع صوت المسيح يقول اليوم للكنيسة القبطية، "كلا أقول لكم بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو 3:13). ويقول "والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار" (مت 10:3). إني أري الكنيسة القبطية سكرة بماضيها، مزهوة بتاريخها لتهرب من حاضر أثيم! بل إني أراها تتقدم نحو كارثة. إن سيف الإسلام يبرق وقد أمسك بالكف !!!

يا أقباط مصر

نوحوا وولولوا وابكوا على الخبر. مزقوا قلوبكم قبل ثيابكم، توبوا وارجعوا قبل الكارثة،، فالكارثة آتية ونحن صانعوها!!!

 

وبعد أن تحدثنا عن المبادئ المهدرة لنعود لأحداث التاريخ المغمورة:

هل نظام القرعة الهيكلية هو ما تسميه بالإيمان بخطة الله؟ يا للحزن!! "God plans this for us" إن نظام القرعة الهيكلية هو انتهاك صارخ لقوانين الكنسية (الدسقولية وسفر الأعمال) والتي تنص على أن يختار كل الشعب راعيه سواء كان بطريركا أو حتى شماساً، "فانتخبوا أيها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوءين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة" (أع 3:6). (أنظر الباب 36 لإقامة الأسقف من الدسقولية للدكتور وليم سليمان ص843) وإليك ملخص للحقائق  التاريخية حول القرعة الهيكلية:

 

1. لقد ابتكر جمال عبد الناصر نظام القرعة الهيكلية ليمنع الشعب من الانتخاب حتى لا يصل أحداً من مرشحي مدارس الأحد للمنصب. وأجل انتخاب البطريرك ثلاثة سنوات حتى يجد مخرجاً ( من عام 1956 حتى عام 1959). لقد كان عبد الناصر رافضاً لعزل الأنبا يوساب الذي كان يقدره ويحترمه، وقد حاول جاهدا منع عزله لكنه فشل في أن يحمي البابا، إزاء الإصرار الشعبي الذي خلقه هجوم مجلة مدارس الأحد عليه ورئيس تحريرها (الأستاذ نظير جيد البابا شنودة حاليا). لذلك وضع عبد الناصر كل العراقيل أمام مدارس الأحد، حتى لا يصل أحدهم لكرسي البطريرك.

2- احترم عبد الناصر القانون الكنسي باختيار كل المرشحين من الرهبان وليس من الأساقفة وكان ذلك مدعاة لرضاء الشعب الواعي في ذلك الزمان!!! وأسفر نظام القرعة الهيكلية الذي أجري لأول مرة عن فوز البابا كيرلس الذي لم يسعى للمنصب بأي شكل. وعم الشعب فرح غامر باختيار الأنبا كيرلس الذي كان معروفا بتقواه، بالرغم من الاعتراف بخطأ نظام القرعة الهيكلية .   

3- بالرغم من أن البابا الأنبا كيرلس السادس لم يكن له أي دور في اختياره بالقرعة الهيكلية فلم يكف الأنبا شنودة أسقف التعليم عن الكتابة ضده في مجلة الكرازة ومجلات أخري، ومعايرته بنظام القرعة الهيكلية المخالف لقوانين الكنيسة.

4- بعد نياحة البابا كيرلس حدثت أكبر مهزلة لاختيار بابا في تاريخ الكنيسة القبطية. وحتى يُمنَع الشعب من الانتخاب مرة أخرى طُبِق نظام القرعة الهيكلية للمرة الثانية. وكان ذلك ليس تدبيرا حكوميا بقدر ما هو تدبير لثلاثة أساقفة من المسيطرين على الكنيسة والمخالفين لقوانين الكنيسة،  هم الأنبا صموئيل والأنبا شنودة والأنبا أثناسيوس. كان الهدف الرئيسي هو أولاً كسر القانون الكنسي بترشيح الأساقفة للكرسي البطريركي. وثانيا لمنع الشعب من الانتخاب حيث كان هناك إجماعا شعبيا علي انتخاب أبونا متي المسكين للبطريركية. بينما أبونا متى لم  يبذل أي جهد ولم يغادر ديره ولا مرة واحدة ولم يحاول بأي صورة أن يعمل دعاية لنفسه. 

5-  لقد كان عبد الناصر أكثر التزاما بقوانين الكنيسة التي تمنع الأسقف من ترشيح نفسه للبطريركية. وكان الشعب أكثر علما ووعيا واحتراما للقوانين الكنسية. فلم يرشح أي واحد من الأساقفة للكرسي البابوي لذلك أنعم الله على الكنيسة بالبابا القديس الأنبا كيرلس السادس. أما في انتخابات البابا شنودة فحدثت كل أنواع المخالفات للقوانين الكنسية بل والعرف الأخلاقي. 

6- بعد أن بلغ الأنبا شنودة لمآربه عن طريق القرعة الهيكلية نسى أنه أكثر إنسان هاجمها. وأصبحت القرعة هي التدبير الإلهي وخطة الله لقيادة الكنيسة، كما تقول تماما، ونسَّى الجيل الجديد الحقائق حول القرعة الهيكلية. واصبح كل من يتكلم عن القرعة الهيكلية أو قانون اختيار البابا من بين الرهبان فقط، يعتبر هرطوقي ومارق. بل لا يجرأ إنسان أن ينشر مقالات الأنبا شنودة نفسه حول هذه المواضيع والتي تعتبر أكبر عريضة اتهام ضد الأنبا شنودة.     

7- إن عدم احترام القانون الكنسي وتعاليم الكتاب المقدس في اختيار البابا لا يمكن أن ندرجها تحت بند الإيمان بخطة الله نحو الكنيسة كما تقول. بل تحت أقوال السيد المسيح الصادقة، "الحق، الحق أقول لكم إن الذي لا يدخل من الباب إلى حظيرة الخراف بل يطلع من موضع آخر فذاك سارق و لص" (يو 1:10).

      

سيدي الفاضل ألا تري أنك تردد تعليما بعيدا تماما عن إيمان الكنيسة وقوانينها وتاريخها. من فضلك قبل أن تتكلم حاول أن تتعلم من مصادر أمينة ومراجع موثوق بها، ونحن على استعداد لمساعدتك بالمراجع الكنسية. 

 

الرد على مقدمة رسالتك:

كان المفروض أن ابدأ حديثي بالرد على تقديمك للرسالة لكن كان لزاما عرض الموضوع اللاهوتي الهام أولاً فأرجأت ردي للآخر. تقول في مقدمة رسالتك أني أريد أن أتخذ موقفا معارضا علي النقيض من قداسة البابا. ألهذه الدرجة المفزعة بلغت التعمية وغسيل المخ؟ ألا ترى أن البابا هو الذي يتخذ هذا الموقف العنيد ضد تعاليم الكنيسة وضد المسيح نفسه بمقالاته الهجومية على الإيمان الأرثوذكسي في مجلة الكرازة وكتبه، وضد كل آباء الكنيسة ومعلميها عبر التاريخ،فقد بدأ هجومه منذ أكثر من ثلاثين عاما؟ البابا من حقه أن يهاجم الإيمان الأرثوذكسي دون أن يعارضه أحد، تماما كما يفعل الإرهاب الإسلامي في مصر فليس من حق أحد حتى أن يدافع عن المسيحية ضد الهجوم الإسلامي. لماذا نعيب على الإسلام ونحن نعمل نفس الشيء ضد المسيح. من العجيب أن يجد البابا من يؤيده في هذا الموقف الإرهابي المتخلف في القرن الواحد والعشرين. ألهذا المستوى الهابط من التخلف والرجعية بلغت العقلية القبطية، حتى أن كل من يعارض البابا فهو مارق وهرطوقي بغض النظر عما يقول، حتى لو كان ينطق بحق الإنجيل ويدافع عن العقيدة التي تسلمناها من الآباء، والإيمان المسلم مرة للقديسين. ماذا تركتم يا شباب القبط للمتعصبين الإسلامين؟ ألا تري أنه من حق الناس وخاصة علماء الكنيسة ومعلميها أن يقولوا رأيهم، دون أن يخشوا الأذى والضرر من البابا والجوقة المحيطة به، تساندهم شرذمات المتعصبين والجهلة وعصابات النفعيين وأصحاب المصالح؟ رحم الله أبونا إبراهيم عبد السيد الكاهن الشهيد الشجاع، الذي كتب كتاباته القوية عارضا مشاكل الكنيسة في عصر البابا شنودة بكل الصدق، فشرده البابا وشلته. وعند نياحته منع الصلاة عليه ولم يجسر كاهن واحد في القاهرة كلها من القيام بالواجب المفروض وفتح باب أي كنيسة للصلاة على أخوهم المنتقل. ألم تسمع بما يقوم به البابا من إرهاب حتى مع العلمانيين الذين يعارضوه فيمنع عنهم وعن أولادهم الخدمات الكنسية الواجبة؟!! ألم تسمع ما فعله البابا بالأنبا غريغوريوس حتى فقد ذاكرته، وما فعله مع المؤرخة العظيمة إيرس حبيب المصري في أواخر أيامها والتي أودت بحياتها في حزن وأسى. ألم تري تهديد نيافة الأسقف في خطابه لنا، فهو يطلب اسم الكاتب بتحدي حتى يمارس الإرهاب البابوي الذي لم يُعرف في تاريخ كنيستنا القبطية إلا في عصر الأنبا شنودة الثالث. سيدي الفاضل إن تشجيع شرذمة من جهلة الشعب لهذه المواقف هو الذي أدى بالبابا إلى الهرطقة، فلو واجه البابا معارضة حكيمة وقبلها بوداعة وخوف الله لما بلغ به الحال لهذا الدرك ولهذا المستوى المحزن بل المبكي الذي أضر به أولاً، ثم أضر بالكنيسة كلها. 

 

هل مازلت تعتقد أنك أكثر الناس حبا للكنيسة؟  إن كنت تحبها بالحق قم واحمل عار المسيح على منكبيك. دافع عن إيمانها الذي روته دماء الشهداء. يلزمك أولا أن تعرف ما هو الحق، "وتعرفون الحق والحق يحرركم". ابحث واقرأ وتعلم أولاً قبل أن تتكلم، حينئذ تستطيع أن تظهر حبك بالحقيقة للكنيسة. فتقف للحق مع أثناسيوس لتقول "وأنا ضد العالم".

 

"إن يد الرب لن تقصر عن أن تخلِّص"

 

لجنة الدفاع عن الأرثوذكسية في الكنيسة القبطية